ﻛﻠﻤﺔ " ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ " ﻛﻤﺼﻄﻠﺢ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻛﻤﺎ ﺍﺗﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ ﻭ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺮ ﺑﻞ ﺍﺻﺒﺤﺖ ﻣﺼﺪﺭ ﻗﻠﻖ ، ﻭﺭﻋﺐ ،ﻭ ﺍﺯﻋﺎﺝ ،ﻳﺆﺭﻕ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ، ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﺷﺢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ، ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ، ﻭ ﺍﻟﻔﺘﻦ ، ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﺭﺙ ، ﻭﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺘﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺟﺎﺫﺑﺔ ﻭ، ﻭﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﺄﻗﻠﻢ ﻭﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ، ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﻌﻀﺎ ،ﻭﻟﻮ ﻗﻠﻴﻼ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ .
ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﺪ " ﻫﺠﺮﺓ " ﺃﺧﺮﻯ ﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ، ﻭﻻ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﻣﺤﻞ ﺗﺮﺣﻴﺐ ، ﻭﺍﺳﺘﻘﻮﺍﺀ ، ﻭﺗﺮﺷﻴﺢ " ﻛﻔﺔ " ﻋﻠﻰ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺛﻨﺎﺋﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ :
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ! ﺇﻧﻬﺎ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ ،ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ، ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﺃﻥ ﺗﺤﺠﺐ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﻟﻠﺨﺎﺭﺟﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻭ ﻣﻦ ﺷﺮﺑﻮﺍ ﻣﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﻭ ﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﻮﺭﻭﺩ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺣﻴﻦ ﻭﺗﺨﺎﻃﺐ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺃﻧﻬﺎ " ﻫﻲ " ﺃﻟﺒﺪﻳﻞ ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ، ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺗﺴﺘﻘﻮﻱ ﺑﺎﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ﻧﺤﻮﻫﺎ ، ﻭﻻ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﺬﻛﺮ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﺷﺨﺼﻮﺍ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﺣﺰﺍﺑﻬﺎ ﻭﺳﺘﻼﺣﻈﻮﻥ ﻭﺟﻮﻫﺎ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻏﺎﺑﺖ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﺃﻃﻴﺢ ﺑﺎﻟﺮﺋﻴﺴﻴﻦ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻭﻧﺔ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ...
ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺆﺭﺥ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ، ﻭﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﻛﺒﻮﻥ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﻳﻐﺎﻣﺮﻭﻥ ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻲ ، ﺃﻭ ﺍﻵﻣﻴﺮﻳﻜﻲ ، ﺃﻭ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ، ﻓﻬﻨﺎﻙ " ﻫﺠﺮﺓ " ﻭ " ﻫﺠﺮ " ﻟﻔﺎﻋﻠﻴﻦ ﻗﺎﺩﺓ ﺃﺣﺰﺍﺏ ،ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ " ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻳﺔ ، ﺃﻭ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺤﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ، ﻓﺘﺼﺒﺢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻟﻌﺒﻮﺳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻮﻫﺖ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭ ﺃﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ، ﻭﺩﻧﺴﺖ ﺳﻤﻌﺘﻪ ، ﺗﺘﻮﻟﻰ ﻣﻨﺎﺻﺐ ﺳﺎﻣﻴﺔ ، ﺗﺒﻌﺚ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ، ﺗﺸﻜﻞ ﺃﺣﺰﺍﺑﺎ ،ﺗﺼﻮﻝ ، ﻭﺗﺠﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﺗﺤﻤﻞ ﺧﻄﺎﺑﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ، ﻭﺭﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ، ﻭﻫﺪﻓﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻫﻮ ﺍﻗﻨﺎﻉ ﺍﻵﺧﺮ ﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻻﺗﺮﻳﺪ ﺇﻻ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺳﺘﺸﻮﻩ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﺗﺮﻳﺪﻩ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺜﻞ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻭﻧﻬﺎ ﺗﺸﺘﻌﻞ ... ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ " ﺗﺸﺘﻌﻞ " ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ،ﻭ ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ " ﺗﺸﺘﻌﻞ " ﺣﺮﻛﻴﻮﻥ ،ﺗﺎﺋﺒﻮﻥ ،ﻳﺘﻘﻠﺪﻭﻥ ﺃﺳﻤﻰ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ، ﻭﻳﺸﻜﻠﻮﻥ ﺃﺣﺰﺍﺑﺎ ، ﻭﻳﻘﻴﻤﻮﻥ ﻣﻬﺮﺟﺎﻧﺎﺕ ، ﻭﻧﺪﻭﺍﺕ ، ﻭﺳﻂ ﺗﻐﻄﻴﺔ ﺍﻋﻼﻣﻴﺔ ﻛﺒﺮﻯ ، ﺍﻟﻨﺼﺮﺓ " ﺗﺸﺘﻌﻞ " ﻧﺼﺮﺓ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ، ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺻﻮﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺷﻴﺢ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﺳﺎﻣﻴﺔﺩﺍﺧﻞ ﻛﻮﺍﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺑﺤﻜﻢ ﺑﻨﻴﻮﻳﺘﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺇﻻ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻻﺓ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﺭﺑﻚ ، ﺇﺫﻥ ﺭﺃﻳﻨﺎ ﺍﻥ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺑﻞ ﻫﺤﺮﺓ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺒﻼﻁ ، ﻭﺭﺃﻳﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ،ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻫﻢ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ، ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ، ﻭﻣﺬﻟﻠﻲ ﺍﻟﺼﻌﺎﺏ ، ﻭﻋﺮﻓﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻫﻢ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ، ﺃﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺤﻖ ، ﻭﺩﺣﺮ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ،ﺑﻞ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ، ﺍﻧﺼﺎﺭﺍ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ ، ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻧﺼﺎﺭﺍ ﻟﻠﺮﻭﺡ ﻣﺜﻞ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ، ﺑﻞ ﺍﻧﺼﺎﺭ ﻟﻠﺘﺤﺎﻳﻞ ، ﻭﺑﻴﻊ ﻟﻠﻀﺎﺋﺮ ، ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﺟﺮﺓ ،ﺑﺤﻖ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ .
ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻞ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻤﺴﺎﻳﺮ ﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻤﺮ ﺃﻭﻻ ﻭﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻴﺊ " ﺑﺘﺠﺪﻳﺪ " ﺍﻟﻄﺒﻘﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﻫﻨﺔ ، ﺑﻀﺦ ﺩﻣﺎﺀ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﺤﻤﻞ ﺭﺅﻯ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻭﻓﻠﺴﻔﺔ ﺧﻄﻂ ﻭﺑﺮﺍﻣﺞ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎﻫﻮ ﻗﺮﻳﺐ ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎﻫﻮ ﻣﺘﻮﺳﻂ ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎﻫﻮ ﺑﻌﻴﺪ ﺍﻟﻤﺪﻯ ، ﺳﺘﻨﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺑﺄﺩﻟﺔ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﻭﺍﻗﻊ ﻣﻠﻤﻮﺱ ﻇﺎﻫﺮ ﻟﻠﻌﻴﺎﻥ ، ﺧﻼﻓﺎ ﻷﺭﻗﺎﻡ ﺧﻴﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻠﻤﻮﺱ .
محمد سيدي