يعد "الحريديم" يهودا أصوليين يشكلون طائفة متطرفة تتمسك بأصول الشريعة اليهودية وتطبق الطقوس الدينية بتفاصيلها وحرفيتها.
وتعني كلمة " حريد" الشخص الخائف من الله والوجِل وهي مشتقة من فعل "حرد" الذي يعني الاعتزال والاعتكاف والابتعاد عن الآخرين.
ويعيش "الحريديم" وسط تعاليم دينية متشددة وقيود وقوانين متطرفة لا يعلمها الكثيرون باعتبار أنهم يعيشون بمعزل عن الآخرين.
وقد بدأت القناة العاشرة الإسرائيلية هذه الأيام بث سلسلة وثائقية قصيرة تتطرق إلى حياة أكثر الأوساط عزلة في المجتمع الإسرائيلي، والتي تناهض الصهيونية وقيام دولة إسرائيل. وتركز السلسلة الوثائقية خصوصا على حياة "الحريديات" المخفية والممنوعة على العالم الخارجي.
فغالبا ما تعرف النساء الاسرائيليات بالانفتاح، لكن داخل ذلك المجتمع المنفتح تعيش النساء الحريديات اللاتي تنحصر مكانتهن في دورهن كربات بيوت وتوفير رغبات "الزوج الحريدي"، وهن نساء يربين ما بين 7 و8 أبناء لا يسمع لهن صوت تقريبا، يعشن صاغرات في بيت أهلهن وفي بيت الزوج على حد السواء.
وتنص كتب الإرشاد الخاصة بالنساء الحريديات على عدم طلب المساعدة من الزوج حيث تلقى جميع المهام على عاتق المرأة الحريدية، مما يجعل دورها جد معقد. فإلى جانب تربية الأبناء، تهتم بالأعمال البيتية، وبإعالة عائلتها، وذلك من أجل إتاحة فرصة تعلم التوراة للزوج من الصباح حتى المساء.
وتنص تعاليم حياة الحريديم على الفصل التام بين الرجال والنساء، وعلى أن مكان المرأة ليس بين الجمهور، وتكون معزولة عن الحياة العامة، وتوصى بألا تحاول الخروج على نمط الحياة هذا وعلى هذه القوانين الصارمة.
كما يتوجب على المراة الحريدية الزواج في سن ما بين 17.5 و18 عاما، وعليها الموافقة على الزواج من الرجل الذي لا تلتقيه أكثر من ثلاث مرات وغالبا ما يتم اللقاء أثناء فترة الخطوبة.
وتعيش الحريديات حياة منغلقة جدا واحتشاما مبالغا فيه بالإضافة إلى العنف الشديد الممارس ضدهن، وإلزامهن بالصمت والتحريم التام لعالم الجنس وإلى نسبة الولادة المرتفعة. ولكن خلال فترة الستينات قام حاخام كبير في وسط الحريديم بثورة لتحرير المراة التي لم يكن بمقدورها كسر القواعد والخروج من بيتها إلى الحيز العام الذي يمنحها الفرصة لكسب الرزق من أجل زوجها وأولادها.
وأصبحت المرأة الحريدية منذ تلك الثورة قادرة على التواصل مع العالم الخارجي والمطالبة بامتهان أعمال ووظائف حرة فضلا عن السعي إلى التعلم والالتحاق بالجامعات.
وفيما تسعى النساء الحريديات للتحرر من الأعباء التي يفرضها عالم الحريديم المتطرف عليهن تعلو أصوات حاخامات معارضين في المقابل لتعتبر أن الأمر يعد لعنة كبيرة ويحاولون بذلك منع مجتمع كامل من الحريديم يصل عددهم في إسرائيل إلى ما بين 950 ألف ومليون شخص، من "الانفتاح والانجرار خلف العالم العصري الضال".
وأوضحت التقارير التي نشرت أن بعض الحاخامات توجهوا إلى أصحاب العمل الذين يشغلون نساء حريديات، وطلبوا منهم إعطاءهن راتبا منخفضا عمدا لإبقائهن دائما تحت رحمة أزواجهن في البيت.
كما تقف ضد رغبات النساء الحريديات في التحرر مجموعة متزمتة أخرى تسمى بـ "نساء الطالبان"، أو باسم المجموعة "نساء الشالات" و هي مجموعة من النساء اللواتي يتميزن بوضع "الشال"، وهو ثوب يغطي الجزء الأعلى من الجسم ويُموه شكله، وتستخدمه النساء الحريديات عند خروجهن من البيت، وأيضا يضعن الشال على أجسام بناتهن.
وترى "نساء الطالبان" أن النساء الحريديات غير محتشمات وأن عدم الاحتشام ذاك سيدفع نحو خراب المجتمع اليهودي.
وسط كل هذا التطرف والتناقض تنبئ السنوات القادمة بحدوث تغييرات في أحوال هذه الطائفة المنغلقة تسمح ببعض الانفتاح على العالم الخارجي ما يتيح الفرصة أمام المرأة الحريدية للتخلص من بعض الأعباء والمسؤوليات والعيش بطريقة أكثر تحررا.
المصدر: "وكالة معا"