منذ سنوات قليلة عندما تابعت عن كثب جلسات التفاوض الماراثونية بين وفدى الاتحاد الاوروبي وموريتانيا حول اتفاقية الصيد,أحسست ساعتها أنه ولأول مرة أصبح لدي موريتانيا مفاوضون يمتلكون قدرات تفاوضية رفيعة المستوي وأنهم يضعون مصالح موريتانيا العليا فوق كل اعتبار.
لكن بمجرد العودة الي أرض الوطن ووقوفي علي بنود الاتفاق النهائية بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي, أصبت بالإحباط وأدركت أن تفاءلي ذاك لم يكن في محله!:_
فالاتفاق مر مرور الكرام علي الصيد الجائر ولم ينص صراحة علي تجريمه او منعه!(وهذه جريمة في حق الاجيال القادمة لأن الصيد الجائر يقضي علي هذه الثروة النابضة في حالة غياب الضوابط القانونية والإجرائية).
الاتفاق ينص علي السماح لـــــ100 قارب وسفينة أوروبية (معظمها من تسع دول أوروبية هي علي التوالي: إيطاليا-البرتغال-اسبانيا-اليونان-آلمانيا- المملكة المتحدة-فرنسا-ليتوانيا-ايرلندا) من الصيد في المياه الاقليمية الموريتانية ولمدة 4 سنوات!(الاتفاق للأسف لم يتطرق للجانب البيئي من القضية ولم يفرض أتاوات مقابل التلوث الذي ستتعرض له البيئة البحرية والشاطئية من تلف جراء عدم تقنين أساليب الصيد الجائر الممنوع هناك في اوروبا نظرا لصرامة قوانين حماية البيئة وعدم وجودها عندنا! – تخيلوا معي هذا العدد الكبير, 100 قارب وسفينة تمخر عباب بحرنا لمدة 4 سنوات صبح مساء ونسمح لها بتدمير بيئتنا البحرية بكل حمق واستهتار!)
يسمح الاتفاق للسفن الأوروبية من الوصول إلى مختلف أصناف الأسماك بما مجموعه 281500 طن سنويا، مقابل التزام الاتحاد الأوروبي بدفع 59,125 مليون يورو في السنة لموريتانيا:
متوسط ما تصطاده موريتانيا سنويا من جميع الاصناف بما فيها فواكه البحر(seafood – fruit de mer ) يعادل 95312 طن سنويا يحقق عائدات سنوية متوسطها 303 مليون دولار, فكيف نسمح للاتحاد الاوروبي بصيد ثلاث أضعاف ما نصطاده نحن؟!(المغرب التي تصطاد سنويا ملايين الاطنان من مختلف الاصناف عندما ابرمت اتفاق مع الاتحاد الاوروبي وبقيود بيئية صارمة وسمحت لسفنه باصطياد ما يعادل 4% من الكمية التي يصطاده المغرب-(انتبهو 4% مما يصطاد وليس 300% كما عندنا!)- قامت الدنيا هناك ولم تقعد حتي الساعة وعدت النقابات المختصة هذا الامر تفريطا في ثروة وطنية!).
59 مليون اورو مقابل 281500 طن سنويا يعني أننا نبيع الطن من مختلف الانواع بــــــــ210 أورو ! (للعلم تتراوح اسعار طن الاسماك في البورصات العالمية حسب نوع السمك بين 3189 – 17890 اورو أي بمتوسط 10540 اورو, أي أننا نبيع الطن للإتحاد الاوروبي بتخفيض يبلغ98%), أي إتفاق هذا وأي سخف وغباء هذا الذي تدار به دولتنا!.
حقيقة لا افهم طالما ان مياهنا الاقليمية يمكن اصطياد ما يقارب المليون طن سنويا من مختلف الاصناف, لماذا نسمح للشركات الاجنبية بالاصطياد المجاني في مياهنا الاقليمية ونكتفي نحن بالفتات اي 95 الف طن سنويا ونهدر عائدات لا تقل عن عشرة مليارات ونصف يورو أي 4,216 تريليون مليار من الاوقية(4216 مليار اوقية) وتشغيل آلاف الشباب العاطلين عن العمل في هذا المجال الحيوي.
في هذا الصدد أدان المدافعون الحقوقيون عن البيئة في منظمة جرين بيس – الفرع الاوروبي- في الثالث من الشهر الجاري,الصيد الجائر الذي يمارسه الاتحاد الاوروبي في المياه الاقليمية الموريتانية,كما أدانوا إتفاقية الصيد البحري المبرمة بين موريتانيا والاتحاد الاوروبي واعتبروها إتفاقا مجحفا وضار بالتوازن البيئي في منطقة السواحل الموريتانية.
تفاصيل الادانة تجدونها في الرابط أدناه :
د.الحسين الشيخ العلوي.
09/06/2016
نواكشوط - موريتانيا