يبدو أن إعادة تدوير ترشيحات الحزب الحاكم، أثبتت أن الإصلاح الذي أمله الكثيرون قاد ببساطة إلى إعادة إنتاج نفس البروتينات، لنفس الجسم، مطابقة لنفس المناعة، في مناخ انتخابي يشارك فيه جميع المقاطعين، وتعاني فيه الأغلبية من انكشافات منافسات قبائلية في أكثر من مقاطعة وبلدية.
وهذا يعني أن شعار: من لم ينضبط حزبيا فليس منا، سيقود من أقصتهم الترشيحات إلى التحيز لأحزاب الأغلبية أو الوسط، أويعلن النفير الى أحزاب غير معلومة الهوية ، أو ناصعة المعارضة، بحثا عن الذات، ورفضا للتهميش والإقصاء.، وليس معارضة للرئيس أو نهجه كما سيحلو للحرس القديم أن يطبل.
منطق الإقصاء الفج سيزيد حتما كتلة الشيوخ المتذمرين من “فريق المتحكمين” ، وهذه المرة تنضاف إلي المتوسمين في الأغلبية مخرجات المتنافسين : جهويات، وعمدا ،ونوابا، وفاعلين، أقيلوا أو سقطوا من “سفينة الترشحات” ضرورة أو مكيدة، كما أقيل الإداريون والفنيون والمتخصصون ،منذ برز نهج من لم يبايع الوزير الأول ويماري رئيس الحزب ، فهو “مشيطن”، و”مطرود” من سعة رحمة الاختلاف، وغير مشمول بشمائل حرية الرأي.، ولاتسعفه لجنة إصلاح ، ولاحملة انتساب؟؟
بعض الحرس القديم اغتبط، حين وجد نفسه على رأس اللائحة الوطنية، أو رأس اللائحة الجهوية ، لأنه يدرك يقينا ، أنه ماكان ليفوز ، ولو في الدور الثالث أو الرابع ، لو رشح في مسقط رأسه.، كذلك علم يقينا، وخسر ثقة بقية ناخبيه سابقا ولاحقا.
غير أن اللعبة هذه المرة خطرة جدا، لأن العراك سيكون قويا ، وارتدادات الصراع ستكون شاملة، خصوصا وأن حجم اللوائح، وجدية المنازلة سوف تسقط كثيرا من ورقات التوت.
شيء خطير تمر به الأغلبية ، هو الانكشاف الإعلامي، وضعف التوجيه المعنوي، فالأغلبية تدخل انتخابات ثلاثية مصيرية، بلا إعلام عمومي وبلا رؤية موحدة في اعلام التواصل الاجتماعي والقنوات الخاصة ، وبلا إدارة حملة قادرة على لم الشتات.، وطمس الخلافات، وتوجيه ردات الفعل.
المؤكد أن أجندة الإصلاح كلها بدت مؤجلة، حتى يخوض الحرس القديمة آخر معاركه، في حلبة المناقصة الانتخابية الحالية، وهي مناصفة إن سلمت من آليات التزوير، قد تعصف بالجميع، نوابا وعمدا وحكومة حالية، حكومة غير مرحب بأغلب ساستها، ومتحدثيها.
فهل يكون حل مجلس الشيوخ، وحل البرلمان الحالي، نهاية لنمط حكومة حالية بلا سند شعبي، وبلا مصداقية عند الرأي العام، أم أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز، سيجري تغييرات تتدارك الانكشاف الحاصل وتنقذ مشهد السقوط المرتبك، و”رجال الظل” المتشاكسين، الذين لاظهرا يركبون في السباق، ولا ضرعا يحلبون في أهليهم غير: النأي بالنفس عن الناخبين، نأي لايطعم من جوع ، ولا يؤمن من خوف؟