تنتظر شيساكو كاكيهي الملقبة بـ”الأرملة السوداء” نسبة إلى عناكب أنثى تأكل الذكور من فصيلتها، موعد محاكمتها للاشتباه بقتلها 8 من أزواجها السابقين، طمعاً بالكسب المادي من شركات التأمين، في قضية شهيرة باليابان، ليس بسبب عدد الضحايا فحسب، بل أيضاً بفعل الثغرات الكثيرة في التحقيق.
ولم تخضع أي من جثث 6 من ضحاياها المفترضين للتشريح بعيد الوفاة، في مؤشر بحسب الخبراء على اختلال كبير في النظام الياباني.
ويثير تدني نسبة عمليات تشريح الجثث في اليابان، مخاوف من طمس حقيقة الكثير من جرائم القتل في البلاد.
في هذا الإطار، يشير الأستاذ بقسم الطب الشرعي في جامعة شيبا اليابانية هيروتارو إيواسي، إلى أن “النسبة الضئيلة لعمليات التشريح، تزيد خطر إخفاء حقيقة الجرائم”.
وفي 2014، أفضت 11,7% من الوفيات غير الاعتيادية، وهو مصطلح يستخدم للدلالة إلى الأشخاص المتوفين من دون سبب واضح ظاهرياً، إلى عمليات تشريح بحسب أرقام الشرطة الوطنية اليابانية، وهذه النسبة متدنية مقارنة مع تلك المسجلة في إنكلترا والبالغة 40% سنة 2013، أو 95% في السويد، وهي أدنى من المستوى الذي تعهدت الحكومة اليابانية ببلوغه سنة 2016 والمحدد بـ20%.
ويعزو إيواسي النقص في عمليات تشريح الجثث إلى النقص في الخبراء في هذا المجال، والاقتطاعات في الميزانية من جانب الجامعات الحكومية، التي تكون عادة مكلفة إنجاز هذه المهمة في اليابان.
ويسجل بعض أقسام الطب الشرعي نقصاً حاداً في الموارد، حتى أن 20 من المقاطعات اليابانية الـ47، لا تضم سوى أستاذ واحد متخصص في إجراء عمليات تشريح، بحسب الجمعية اليابانية للطب الشرعي.
وفي حالة شيساكو كاكيهي، خلصت الشرطة في البداية إلى وفاة أزواجها السابقين طبيعياً جراء المرض، ولم يتم توقيفها إلا عندما لاحظت الشرطة أن آخر أزواجها وهو إيساو كاكيهي (75 عاماً)، قضى مسموماً بمادة السيانيد.
واهتم المحققون عندها بالحالات السابقة، كما أن المرأة (69 عاماً) خضعت للتحقيق على خلفية الاشتباه بضلوعها بـ3 جرائم قتل، ومحاولة قتل واحدة، كذلك تابعوا تحقيقاتهم في 4 وفيات أخرى من دون التوصل إلى أدلة كافية.
وبحسب آخر الأرقام الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، بلغ معدل جرائم القتل في اليابان 0,3 جريمة لكل 100 ألف نسمة سنة 2015، في مقابل 0,5 جريمة في ألمانيا، و0,6 في فرنسا، و5,2 في الولايات المتحدة.
وأعلنت الشرطة اليابانية تسجيل 933 جريمة قتل أو محاولة قتل في البلاد سنة 2015، أي ما نسبته 0,74 جريمة لكل 100 ألف نسمة، وهو معدل يشهد تراجعاً مطرداً منذ سنة 2004.
غير أن العدد القليل من عمليات التشريح في البلاد، يخفي على الأرجح معدلات أعلى وفق الخبراء، وهنا يدعو البروفسور من جامعة فوكووكا، شينشي كوبو، إلى اجراء عمليات تشريح منهجية في كل حالات الوفيات الغامضة، حتى في حال عدم الاشتباه بجرائم قتل.
ويشتبه الأخصائي في تحقيقات الشرطة بجامعة توكيوا هيديميشي موروساوا، في سعي الشرطة لتفادي زيادة كبيرة في المهمات المنوطة بهم، خصوصاً لناحية المسافات الطويلة الواجب اجتيازها على الطرقات لنقل الجثث إلى دوائر إدارية أخرى، عندما يكون الطبيب الشرعي في دائرتهم منشغلاً للغاية.
وتعين انتظار ضحية ثالثة قضت تسمماً بأحادي اكسيد الكربون، قبل توقيف كاناي كيجيما سنة 2010 إثر قتلها أزواجها الثلاثة السابقين بعد تخديرهم وإحراق الفحم في غرفهم، وخلصت الشرطة بداية إلى أن الرجل الأول قضى انتحاراً، وبالتالي لم تعمد إلى أي تشريح لجثته، وفي النهاية أدينت كيجيما بتهمة ارتكاب 3 جرائم قتل وحكم عليها بالإعدام.