يعتبر قانون المالية الوثيقة الوحيدة المعتمدة لدينا كمتتبعين أو مراقبين أومواطنين عاديين لمعرفة سير الدولة و تسييرها و قدرتها على تحقيق الرفاهللمواطن ، و رغم صعوبة الحصول عليها في بلدنا أو معرفة ضوابط إعدادهاأو إتاحة الفرصة للمواطن لمتابعة نقاشها قبل تصويت النواب عليها إلا أنسؤالا تقليديا واحدا إعتادالمواطن الموريتاني طرحه كل سنة دون أن يجد لهجوابا شافيا في هذه الوثيقة : و هو أين ذهبت مداخيل الدولة ؟
أوضح معالي وزير المالية و الإقتصاد المختار اجاي أن الموازنة العامة لهذاالعام تجاوزت 541 مليار أوقية قديمة
و بالتأكيد تم تقسيمها تبويبا أمام السادة النواب لكن ما هو معلوم بالنسبة لناهو أن الميزانية العامة تتكون من بندين أساسيين هما الإيرادات والنفقات فإذاكانت الرسوم الجمركية و هي جزء يسير جدا من الضرائب غير المباشرة قدبلغت مع نهاية نوفمبر أكثر من 200 مليار أوقية قديمة دون احتساب مداخيلالضريبة على القيمة المضافة وباقي الرسوم التي تفرضها الدولة علىالواردات والصادرات ورسوم تسجيل العقود والغرامات و غير ذلك منمداخيل الضرائب غير المباشرة
و إذا كانت الضريبة المباشرة على الدخل و المفروضة على الشركات قدتجاوزت 150مليار أوقية جديدة فإن مجموع هاذين البندين يبلغ حدود 350مليار أوقية قديمة بمعنى أن المبالغ المتبقية لتحقيق توقعات مداخيل الميزانيةهي 191 مليار أوقية قديمة
فاذا كان من واجب الحكومة أن تتصرف في موارد الدولة فقط وفق ما تنصعليه الميزانية العامة فهل لنا أن نسأل
أين ذهبت إرادات الشركات الحكومية ؟
أين عائدات الأسهم التي تملكها الدولة في شركات القطاع الخاص ؟
أين مداخيل الرخص الحكومية ؟
أين عائدات رخص استغلال مناجم الذهب ؟
أين ذهبت عائدات بيع المدارس و عائدات تفويت الأصول العمومية ؟
هل تلقت الدولة هباتٍ أو مساعدات أجنبية ؟
أين دعم وكالات التعاون الدولي ؟
أسئلة تكون الإجابة عليها أكثر إلحاحا كُلَّمَا إزددنا يقينا من أن الحكومة تنتهجمنذ سنوات سياسة التقشف حتى في النفقات الضرورية لاستمرار أجهزتهافي أداء مهامها الإدارية وأدوارها الاجتماعية بحيث لا تمنح الأمناء العامونللوزارات و لا المدراء سيارات و لا قِيما من البنزين و لا يمتلك موظفوهاضروريات القيام بمهامهم مع ضعف مساهمة الدولة في صندوق التقاعد ووقوفها على الحياد من الإرتفاع المذهل للأسعار دون تدخل أو دعم أوحمايةٍإضافة الى ضعف ميزانية نفقات الاستثمار والتجهيز و محدودية الغلافالمالي المُخصص لإنجاز البنية التحتية مع غياب إنتهاج سياسة حكوميةلتسديد أصول بعض الديون التي تُثقل كاهل الميزانية بسبب ضغط فوائدهاالمتكررة
إنما يمتلكه المواطن من معلومات عن عموميات مداخيل الدولة و إستنادا لمايُقدمه قانون المالية يجعل المواطن ينتظر في نهاية كل سنة مالية فائضا كبيراو هو ما يُبرر عدم تقبله قرارات الحكومة في لجوءها للإقتراض الخارجي ولا يجد تفسيرا للإستدانة الداخلية عبر إصدار سندات الخزينة
هناك ازمة ثقة بين الحكومة و الشعب تتسع فجوتها كل يوم مما جعلالمواطن العادي لا يُصدق ما يصدر عن الحكومة حتى و لو تعلق الأمربالمُسلمات أوالثوابت و مما زاد المشكلة عُمقا هو إهمال الحكومة لأهمية بناءجسور الثقة مع المواطن و تعويض ذلك - في نظرها - بأغلبية برلمانية تُمرركلما تحتاج الحكومة إقراره دون عناء أو وضع إهتمام أو إعتبارللديموقراطية الشعبية أو للمواطن كشريك فأضطر الأخير الى وسائل التواصلالإجتماعي التي أصبحت تدير مجتمعا ينفصل تماما عن ( جمهورية الحكومة )التي تغرد في وادي بعيدا عن تطلعات الناس التي قررت الإنفصال بأفكارها وإشاعاتها و التزمتْ هدوء المرحلة
إن المواطن الموريتاني المسالم بطبعه أصبح يتطلع الى أبسط حقوقه علىالحكومة و هي المكاشفة لا المحاسبة و التي لابد أن يأتي الْيَوْم الذي سيرتفعفيه سقف طموحه للمطالبة بها
محمد فاضل الشيخ محمد فاضل
رئيس حزب الحضارة و التنمية