تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي سلبا على النوم. ونكشف في السطور التالية عن الوقت الذي يحذر الباحثون من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فيه لتجنب الآثار السلبية لذلك.
يمضي المراهقون والأطفال وقتا طويلا أمام شاشات الأجهزة بأنواعها يوميا، وتشير تقارير إلى أن الأطفال من سن 11 إلى 15 سنة يقضون من ست إلى ثماني ساعات يوميا أمام الشاشات، بالإضافة إلى الوقت الذي يقضونه أمام الكمبيوتر لتأدية الفروض المدرسية.
وفي الواقع، أشارت إحدى التحليلات إلى أن الوقت الذي يقضيه البالغون في المملكة المتحدة أمام الشاشات أطول من الوقت الذي يقضونه في النوم.
ويبدأ الأطفال الآن استخدام الأجهزة التكنولوجية في سن مبكرة، إذ تشير أبحاث إلى أن ثلث الأطفال في المملكة المتحدة يستخدمون الكمبيوتر اللوحي قبل سن الرابعة.
ولهذا ليس من المستغرب أن ينضم الجيل الجديد إلى مواقع التواصل الاجتماعي أسوة بالجيل الذي يسبقه. إذ يحظى تطبيق الرسائل المصورة "سناب شات"، على سبيل المثال، بشعبية كبيرة بين المراهقين.
وخلص استطلاع للرأي أجري في عام 2017 إلى أن 70 في المئة من المراهقين في الولايات المتحدة، من سن 13 إلى 18 سنة، يستخدمون تطبيق سناب شات، وأكثرهم يستخدم أيضا موقع "انستغرام"، ولم تختلف النسب في المملكة المتحدة.
ويتجاوز الآن عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ثلاثة مليارات مستخدم. ويتراوح متوسط عدد الساعات التي يقضيها البالغون في الولايات المتحدة على مواقع التواصل الاجتماعي ما بين ساعتين وثلاث ساعات.
وتكشف هذه الظاهرة عن بعض النتائج المثيرة للقلق. وأثار انتشار وسائل التواصل الاجتماعي اهتمام الباحثين ودفعهم إلى دراسة آثار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على صحتنا، بما في ذلك تأثيرها على النوم، الذي يحظى في الوقت الحالي باهتمام غير مسبوق.
وحتى الأن، اتضح بما لا يدع مجالا للشك أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر تأثيرا سلبيا على نومنا، وبالتالي، على صحتنا النفسية.
ومنذ أن وصل الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مستويات غير مسبوقة، اتجه بريان برايماك، مدير مركز أبحاث وسائل الإعلام والتكنولوجيا والصحة بجامعة بيتسبرغ، إلى دراسة العلاقة بين الوسائل التكنولوجية والصحة النفسية، بمساعدة جيسيكا ليفينسون، ليبحثا معا في مزايا وعيوب هذا الأمر.
وقد ظنا في البداية أن مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر سلبيا وإيجابيا على الاكتئاب، أي أنها قد تخفف من الاكتئاب حينا، وقد تزيد من حدته حينا آخر. ولكن استطلاعا للرأي شارك فيه نحو 2000 شخص، كشف لهم عن نتائج لم تكن في الحسبان.
إذ اتضح أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تؤثر إلا سلبا على الاكتئاب. وبعبارة أخرى، كلما زاد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، زادت احتمالات الإصابة بالاكتئاب والشعور بالقلق والعزلة الاجتماعية.
يقول برايماك: "إذا نظرت للأمر بموضوعية، فعندما ترى شخصا يتفاعل مع أصدقائه ويبتسم ويضع رموز "الإيموجي" التي تعبر عن مشاعره، قد تقول إن هذا الشخص له الكثير من الأصدقاء والمعارف، وأنهم متفاهمون وتربطهم علاقة وطيدة. ولكننا وجدنا أن هؤلاء الأشخاص ينتابهم شعور بالعزلة الاجتماعية".
إلا أن طبيعة العلاقة بين مواقع التواصل الاجتماعي والاكتئاب لم تتضح بعد، فهل يؤدي الاكتئاب إلى زيادة متابعة مواقع التواصل الاجتماعي؟ أم أن متابعة وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من الاكتئاب؟
ويرى برايماك أنه ربما يكون كلا الاحتمالين صحيح، وقد يعني أن الشخص قد يدخل في "حلقة مفرغة"، فكلما زاد الاكتئاب، زاد إقباله على مواقع التواصل، ومن ثم ساءت حالته النفسية.
إلا أن ثمة أثرا آخر مثير للقلق، فقد توصل برايماك وزملاؤه في إحدى الدارسات التي أجريت في سبتمبر/ أيلول عام 2017 على 1.700 شخص بالغ، إلى أن وقت استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يرتبط ارتباطا وثيقا بمشاكل الصحة النفسية.
فقد توصلوا إلى أن متابعة مواقع التواصل الاجتماعي قبل الإيواء إلى الفراش بثلاثين دقيقة يزيد من احتمالات الأرق. ويقول برايماك: "وهذا لا علاقة له بالوقت الذي أمضيته في متابعة مواقع التواصل طوال اليوم".