ارسلت احدى الفتيات المصريات سؤالا لدار الإفتاء عن حكم إجراء عملية تعيد غشاء البكارة، وهو ما أباحهالأستاذ الدكتور علي جمعة محمد مفتي الديار المصرية الاسبق ولكن بشروط.
وتاليا نص رد الدكتور علي جمعة:
"الإسلام حض على العفاف واستعظم أمر الزنا وعـدَّه مـن الكبائر، وأمر بسدِّ كل ما يوصل إليه من نظر وخلوة ونحو ذلك، بل جعل جزاءه إذا ما وصل إلى الحكام إقامة الحد، قال تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: 2]، إلا أن الأصل في الشريعة هو الستر على الأعراض كما ورد في الحديث الشريف عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ؛ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه البخاري.
كما أننا نهينا عن إشاعة الفاحشة وعن المجاهرة بما فعلنا من ذنوب قد سترها الله علينا؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19]، وكما ورد في الحديث الشريف عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَاةٌ إِلا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الإِجْهَارِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ سَتَرَهُ رَبُّهُ، فَيَقُولُ: يَا فُلاَنُ قَدْ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ» رواه البخاري في (باب الأدب) ومسلم.
ولقد نص السادة الأحناف أن العذرة لو زالت بزنًا خفي وهو الذي لم يصل إلى الحاكم فلم يقم عليها الحد أو لم تشتغل به حتى صار الزنا لها عادة أنها بكر حكمًا، وإن لم تكن بكرًا حقيقة وتزوج كالأبكار حتى إنها لا تستنطق في الموافقة على التزويج إنزالًا لها منزلة البكر التي يقول فيها الرسـول صلى الله عليه وآله سلم: «الْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» رواه ابن حبان، وعلل الحنفية ذلك بقولهم: [وفي استنطاقها إظهار لفاحشتها وقد ندب الشارع الستر] اهـ.
"مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر" (كتاب النكاح) باب الأولياء والأكفاء.
وفي "الهداية" في ذات الكتاب والباب: [ولأبي حنيفة رحمه الله أن الناس عرفوها بكرًا فيعينونها بالنطق فتمتنع عنهم فيكتفى بسكوتها كي لا تتعطل عليها مصالحها] اهـ.
والأصل في الشريعة هو الستر والعفاف؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلـم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه البخاري، وإجراء عملية طبية لإعادة غشاء البكارة جائز شرعًا؛ درءً للمفاسد، وسترًا للأعراض، ويجوز للطبيب فعلها ولو بالأجر، إلا لمن اشتهرت بالزنا -والعياذ بالله- أو أُقيم عليها الحدُّ فيه فلا يجوز ذلك؛ لانتفاء العلة حينئذٍ".