يبدو أن قصة الشاب التركي الذي اغتال سفير روسيا في أنقرة قبل أيام، ما زال بها الكثير من الغموض حول سلوك الشاب وتوجهاته، ولماذا أقدم على هذه الخطوة؟.
الكاتب التركي عبد القادر سلفي، المتخصص في تسريبات المعلومات الأمنية، روى في مقال له بصحيفة "حرييت" التركية، قصة جديدة للشاب مولود ميرت ألطنطاش، بأنه كانت تربطه علاقة غرامية مع امرأة روسية، وقد مارس معها الجنس قبل فترة طويلة في أنقرة، فيما تعيش الشابة الروسية الآن في موسكو.
"سلفي" أيضاً أشار في مقاله إلى أن ميرت ألطنطاش، كان على علاقة بجماعة فتح الله غولن، التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرضت لها تركيا منتصف الصيف الماضي، وأن الشاب حاول إيهام الجميع بأن لديه ميولاً جهادية، ذات علاقة وثيقة بمنظمات مثل "القاعدة".
وإلى نص المقال
تتضح الكثير من التفاصيل الجديدة والغريبة حول حادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة، وذلك مع تعمق التحقيقات أكثر، فكيف رسموا الطريق لمولود ميرت ألتنتاش؟
عندما نفّذ ألتنتاش عملية الاغتيال، رفع إصبع السبابة، وقال: "لا تنسوا حلب، لا تنسوا سوريا، الله أكبر"، وأتبع ذلك بغناء نشيد عربي، حيث أضاف: "نحن الذين بايعوا محمداً".
لم يفتح تلك الكتب
تأسس مُنفذ الهجوم على يد جماعة فتح الله غولن، لكنه توجه في الفترة الأخيرة إلى مؤتمرات وسمع محاضرات لمنظّمات جهادية متشددة، على غرار جبهة النصرة. كما عثرت السلطات في بيته على كُتب يستخدمها "الجهاديون المتشددون"، لكن اللافت للنظر هو أنّه لم يفتح تلك الكتب بتاتاً، وذلك في إشارة إلى أنّ جماعة غولن أرادت إيصال رسالة وصورة معينة يريدون رسمها لمنفذ الهجوم.
من جهة أخرى، تستمر لجنة التحقيق الروسية-التركية المشتركة في عملها، حيث ظهر بعد الغوص في التحقيقات أنّ مُنفذ الهجوم قد تم إعداده وتنشئته بصورة خاصة، وأن كل المؤشرات التي يتم التوصل إليها تزيد من فرضية علاقاته وارتباطاته بجماعة فتح الله غولن. لكن، تجدر الإشارة إلى أن هناك معلومة جديدة سرية، ولم ينشر أحد عنها شيئاً حتى الآن.
كانوا معاً في أنقرة
أثبتت التحقيقات النشاط الجنسي الذي عاشه منفذ الهجوم، الذي صُور على أنه "عنصر متشدد" أراد الانتقام لما يجري في حلب. فقد توصلت التحقيقات إلى أنّ مولود ميرت ألطنطاش كان على علاقة حميمة مع فتاة روسية في أنقرة. وقبل مدة طويلة من تنفيذ عملية الاغتيال، توجهت الفتاة إلى روسيا، وتعيش الآن في موسكو.
من جهتها، ألقت السلطات الروسية القبض على الفتاة وقامت بالتحقيق معها، وهي بدورها لم تنكر أنها عاشت لحظات حميمة مع ألطنطاش.
والجدير بالذكر أن سيناريوهات عديدة تخطر ببال الإنسان عندما يتعلق الأمر بوجود امرأة وسط عملية اغتيال ذات أبعاد دولية، وتعدد الأسئلة التي تُطرح حول هذا الخصوص على غرار هل كان هذا فخاً لميرت ألطنطاش، أم هل كانت الفتاة جزءاً لا يتجزأ من خطة الاغتيال؟ وهل أرادوا استخدام الفتاة من أجل توجيه الشاب إلى تنفيذ عملية الاغتيال؟
هنا، تبرز أهمية الكشف عن ارتباطات الفتاة الروسية، والبحث فيما إذا كانت تعمل مع جهاز استخباراتي، أو جزء من مافيا منظمة، أو أنها عنصر تابع لجماعة غولن.
ماتا هاري
قد يتوجه البعض إلى أنّ هذه المرأة عميلة روسية تعمل لجهاز استخبارات غربي، طلبت منها جماعة غولن تأسيس علاقة جنسية مع منفذ عملية الاغتيال؛ لإيصاله إلى العملية وإلى طريق لا مخرج له منه إلا بتنفيذ العملية.
وعندما يتعلق الأمر بعلاقة جنسية، فإنه لا يُمكن تجاهل الحديث عنها مع منفذ عملية اغتيال لسفير دولة عظمى بحجم روسيا، في عاصمة دولة مثل تركيا، حيث كان يُراد أن يظهر منفذ الهجوم كشخص متشدد ومتطرف.
وهنا، لا بد من تذكر العديد من النساء اللاتي استغللْنَ الجنس للقيام بوظيفتهنَّ كعميلات لأجهزة استخبارات على غرار الراقصة الألمانية "ماتا هاري"، التي أوقعت بالعديد من الفرنسيين في شباكها وعملت لصالح الاستخبارات الألمانية خلال الحرب العالمية الأولى.
جنس مقابل المال
ربما تتجه عقولنا نحو سيناريوهات المسلسلات والأفلام، لكن المعلومات الأولية التي اعترفت بها الفتاة تشير إلى أنها مارست الجنس مع منفذ عملية الاغتيال مقابل المال. في المقابل، لم تقتنع لجان التحقيق بهذه الرواية حتى الآن، ومن ثم لا تزال التحقيقات جارية بحثاً عن تأكيد فرضية ما إذا كانت قد عملت مع جماعة غولن مقابل المال دون أن تعرف.
في الواقع، كشفت عملية الاغتيال عن أمر مهم، وهو قدرة جماعة فتح الله غولن على التخفي، حيث لا شك في أنهم نجحوا في ذلك نجاحاً باهراً.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ جهاز الاستخبارات توصّل إلى أنّ الجماعة قامت بتشكيل فرقة اغتيالات، وهي تبحث وتُحقق وتتحرى في هذا الاتجاه للكشف عن هذا الفريق.