غزواني يقدم قراءة جيوسياسية واستراتيجية مفصلة لساكنة الحوض الشرقي

أربعاء, 12/11/2025 - 13:38

خلال جميع مراحل زيارته إلى الحوض الشرقي، عقد الرئيس  محمد ولد الشيخ الغزواني، لقاءات مع أطر ووجهاء ومواطني الولاية، حيث تحدث في كل مرة بصراحة وبانفتاح عن القضايا التي تشغل المواطن وتثير قلقه – سواء على المستوى الوطني أو على مستوى الولاية أو المقاطعات التي زارها.

ففي عدل بكرو، كما في باسكنو، استمع المواطنون على الحدود مع مالي أو في هذا البلد الشقيق، إلى قراءة جيوسياسية واستراتيجية مفصلة من قبل الرئيس ، حيث قال في عدل بكرو:

“لقد استمعت إلى مداخلات الأشخاص الذين تحدثوا عن الوضع على الحدود مع مالي، وأقول لهم إننا نشاركهم مشاعرهم تجاه هذا الوضع الذي يؤثر بشكل كبير، بكل صراحة، على هذه المقاطعة التي تقع على بعد 12/15 كلم، من الحدود، إن لم يكن أقل.

وفي إطار الاهتمام الذي نوليه للوضع على حدودنا، أرسلنا مرارًا وتكرارًا وفودًا وزارية لتوضيح الظروف الحالية للوضع الذي يؤثر عليكم بشكل خاص أو على الأقل تشعرون بآثاره بشكل مباشر.

كنت أعتقد أن الوضع قد تم شرحه بشكل كافٍ، لكنني لن أفوت الفرصة التي تتيحها لي هذه الزيارة للعودة إليه شخصياً.

هنا، في عدل بكرو، يجب أن نفهم جميعاً أننا نواجه وضعاً جغرافياً لا يمكننا فعل شيء حياله.

فقرب عدل بكرو من الحدود قد أدى إلى تداخلات من جميع الأنواع وتراكم العادات والممارسات من الجانبين.

بالنسبة لنا فنحن مربو ماشية في مقاطعة رعوية بامتياز، والثروة التي تمتلكها هذه المقاطعة تعود بالتأكيد إلى مالكيها، لكنها تعود أيضاً إلى الدولة والأمة اللتين تستفيدان منها استفادة كبيرة.

لذلك أود أن نذكر أننا وإخواننا الماليين مرتبطون منذ زمن طويل، قبل أن نصبح دولتين وتفصل بيننا حدود، من خلال تنقل متبادل المنفعة، وعلينا أن ننسب لهم الفضل في قبولهم دائماً أن نرعى ماشيتنا في أراضيهم، وهو أمر لا يجب أن ننساه ولن ننساه أبداً.

ولكن إذا وجدوا أنفسهم، رغماً عنهم، في ظروف صعبة، في حالة حرب نعرفها نحن ويعترفون بها هم أنفسهم، فيجب أن ندرك أن الأمور لم تعد كما كانت من قبل، لأن حالة الحرب تؤثر على الجميع، حتى نحن الذين لسنا طرفاً فيها، فما بالك بهم؟

وإذا كان إخواننا في حالة حرب، يجب أن نتعاطف معهم، وأن نتحلى بالصبر تجاههم، وأن نساعدهم للخروج من هذه المحنة، لأن البلدان لا يمكنها أن تنتقل من مكان إلى آخر، ولأن الأزمات تظهر وتختفي إلى أن تستقر الأوضاع وتتحسن، كما ينبغي لنا أن لا ننسى أنهم لطالما أظهروا حسن الجوار، ولم يطردوا أحداً أو يثيروا غضبه، ولكنهم يجدون أنفسهم اليوم في وضع يفوق قدراتهم، مع أراضي أوسع من أراضينا وجماعات إرهابية تنشط في شمال مالي وفي المنطقة المتاخمة لنا، مما يخلق صعوبات كثيرة يجب أن نتفهمها، وما لم يتمكنوا من السيطرة عليها لا بد أن نتفهم أن لديهم أولويات، وهو ما يفعله الناس حتى في أوقات السلم.

وإذا كانوا يعتقدون، في ظل الوضع الذي وصفته للتو، أن المنطقة المتاخمة لنا لا تدخل في أولوياتهم، وهو ما كان على الوزراء أن يشرحوه لكم، كان عليكم، قبل وقوع الأضرار، أن تتخذوا قرار العودة إلى دياركم.

فعودتكم ستدفعنا إلى إيجاد حلول لمشاكل المياه التي تواجه الماشية، وكما أشارت وزيرة المياه منذ قليل، فإن لدينا برنامجان في مجال المياه، أحدهما تم تدشينه يوم الخميس الماضي في النعمة، في إطار البرنامج الاستعجالي للتنمية المحلية، والآخر يتعلق بحفر الآبار الارتوازية. ولقد طلبت من الوزيرة النظر في برنامج ثالث في المناطق الحدودية حيث توجد المراعي للتدخل فيها، وذلك لا يمثل مشكلة، لكن الأمن أهم من أي شيء آخر، وعلينا أن نعمل على ضمانه لنا ولممتلكاتنا في انتظار عودة السلام إلى جيراننا الذين – وأكرر ذلك مرة أخرى – يجب أن نحييهم على الصبر الذي أبدوه دائماً تجاهنا.

إن مواطنينا في مالي وهنا على الحدود ينقسمون إلى ثلاث فئات، رعاة متنقلون معتادون على التنقل في مالي، حيث يجدون الماء والمراعي، وتجار مستقرون في أماكن أبعد قليلاً، في باماكو على وجه الخصوص، وقد أشار أحدهم إلى وضعهم وسأعود إليه لاحقاً، وأخيراً، إخواننا الذين توجد عائلاتهم وجذورهم هنا ولكنهم يعيشون في مالي ويحملون جنسية هذا البلد ونحن معهم بكل إخلاص. هذه الفئة الأخيرة لا تحمل الجنسية الموريتانية بالطبع، ولكن لها أقارب هنا، ونحن نتعاطف معهم ونعرب عن تضامننا معهم، ولكن يجب ألا ننسى أنهم ماليون وأن الدول مكونة من حدود تفصل بين عائلات من جنسيات مختلفة، فإذا طلبوا مساعدتنا، فسوف نساعدهم بكل ما في وسعنا، دون أن ننسى أنهم ليسوا موريتانيين، فهذه هي الحقيقة، في انتظار أن تتغير الأوضاع أو أن يطلبوا التجنيس، وهو ما يتبع إجراءات قانونية معروفة.

أما بالنسبة للفئة الثانية، وهي الموريتانيون المقيمون في باماكو، والذين أغلقت متاجرهم منذ عدة أشهر، أود أن أذكر أننا، في مواجهة هذه الحالة، أرسلنا وزراء، ولا سيما وزير الخارجية، الذي أطلعكم بلا شك على جميع الإجراءات المتخذة، ووعدتهم السلطات المالية بالسماح بإعادة فتح هذه المتاجر. ومع ذلك، يجب أن تفهموا أن وعود الدول تستجيب لأحكام خاصة تستغرق الوقت اللازم، ونحن ملتزمون بهذا التعهد.