مقيم نيجري: موريتانيا تمثل الجزء المضيء في مسار حياتي

اثنين, 19/05/2025 - 13:56

مقيم نيجري: موريتانيا تمثل الجزء المضيء في مسار حياتي

سيليبابي

11:10 صباحًا | 19 مايو 2025

في قلب إفريقيا، حيث تتشابك الجغرافيا وتتكامل الروابط بين الشعوب، تبرز قصص إنسانية تتجاوز الحدود وتُجسّد القيم النبيلة في أبهى صورها.

من النيجر إلى موريتانيا، خطّ الشاب ساليفو آدم فصول حكاية كفاح تُلهم كل باحث عن لقمة عيش شريفة، وكل مهاجر يختار طريق العطاء بدل الاتكالية. وسط مدينة سيلبابي الحدودية، وعلى مدار عقد من الزمن، أصبح ساليفو مثالاً للاندماج الإيجابي، والعمل الدؤوب، والخلق الرفيع الذي لا يضيع صاحبه أينما حلّ.

ولد ساليفو آدم مطلع تسعينيات القرن الماضي في إقليم طاوه، وسط دولة النيجر الشقيقة، وترعرع هناك في بيئة صعبة شكلت فيه روح التحدي والصبر. ومع مطلع عام 2015، قرر خوض تجربة الهجرة نحو موريتانيا، حيث قادته الأقدار إلى مدينة سيلبابي، باحثاً عن حياة كريمة في بيئة جديدة، فاستقر بها مقيمًا بصفة نظامية.

منذ لحظة قدومه، عُرف ساليفو بالجدية والانضباط، مواظباً على تجديد أوراق إقامته وتفقد صلاحيتها، مبدياً التزاماً قلّ نظيره. تنقل في عدد من المهن الحرة، بدأها بإصلاح وتلميع الأحذية، متنقلاً في الأسواق والأزقة، يعرض خدماته بإتقان ومهارة.

لاحقًا، اتجه ساليفو إلى بيع المشروبات المثلجة وحلوى الأطفال، فصار وجهًا مألوفًا في شوارع المدينة وسوقها المركزي، يُعرف بدقته في التعامل وقدرته الفائقة على تمييز وجوه رواد السوق، وحتى تذكر أسمائهم في كثير من الأحيان.

ومع مرور الوقت، وجد ساليفو شغفه في بيع القلائد وحلي النساء، مبدعًا في نظم الخرز وتنسيقه بألوان زاهية وأحجام متناسقة، حتى صارت معروضاته تحفًا فنية تجذب الزبائن، لاسيما في مواسم الأعياد، حيث يشهد نشاطه التجاري إقبالاً كبيرًا.

لم يقتصر حضوره على السوق فحسب، بل نسج طيلة عشر سنوات شبكة علاقات متينة مع جيرانه في حي “اسعيد” حيث يقطن، وعُرف بصدقه وأمانته واستقامته، ومواظبته على الصلاة في الصفوف الأمامية، دائم الابتسامة، خفيف الظل.

وفي تصريح خص به الوكالة الموريتانية للأنباء، عبّر ساليفو آدم عن اعتزازه الكبير بموريتانيا، واصفًا إياها بـ”الجزء المضيء في مسار حياته”، ومعتبرًا إياها بلده الثاني الذي احتضنه ومنحه الأمان والمودة، وجعل غربته أخف وطأة.

ويقول ساليفو إنه لم يشعر قط بالغربة، لما وجده من معاملة طيبة ومحبة صادقة، من ساكنة مدينة سيليبابي ، مبنية على الدين المشترك والقيم الإنسانية الجامعة، مؤكداً حرصه المستمر على احترام القوانين وتجديد أوراقه الثبوتية في موعدها.

هكذا تظل المدن والقرى الموريتانية وفي مقدمتها السيلبابي، الواقعة على تخوم الوطن، نموذجًا للتعايش والانفتاح، تحتضن كل من يختار الكفاح طريقًا، ويجعل من العرق وسيلة للكسب الحلال. وساليفو آدم ليس سوى صورة مشرقة من صور كثيرة تؤكد أن الحدود لا تمنع الأخوة، وأن الكرامة تُبنى حين يمتزج العمل بالأخلاق.

تقرير: الناجي ولد بَلَّالْ