كلمة الرئيس بيرام الداه اعبيد في ختام الإستقبال الذي خصص له من طرف جماهير العاصمة نواكشوط يوم 16 يناير 2024.
امهنأكم على أن موريتان ما فيها حرب أهلية ولا فوضى أمنية. ورغم عني كيف زملائي الي معاي امكرس حياتي وحريتي وسعادة أسرتي ودم بحشيشتي للوقوف ضد جميع أشكال العنصريه والعبودية وتفقير الشعب وفساد الإدارة وحكامة السرقة، أرى، من جهه أخرى، أن الفوضى العارمه وامتلاك آليات وممارسات العنف من طرف جماعة أو جماعات غير حكومية تمثل أسوء وأخطر احتمال وأكثره سلبية وخسارة على المتحكمين في رقاب الناس عن طريق الملك المتحجر الأعمى الأصم الجاثم على السواد الأعظم والمتحكم في رقابهم. كما أن الثورة المشروعة نظريا، وفي محكم كتاب الله تبارك و تعالى، ضد مكابرة حكم الحرمان والإستبداد، بفرض ما يصاحبها حتماً من خصخصة العنف وانتشار السلاح، وتفكيك عرى الأمن المادي، ليس لها أي مبرر أو مسوغ بالنسبة لجماعتي وبالنسبة لي أنا شخصياً السائر على خطى المعلمين العظماء التاريخيين في هاذ المجال : سيدي المسيح عليه السلام، والمهاتما غاندي، والقس مارتن لوثر كينغ على سبيل المثال لا الحصر. أما المحكم في رقابهم، اليائسون من العدل، التائهون أبعد فأبعد عن إمكانية الحلول الحكيمة، فلا خيار عندهم عندما يدفعهم البدينون بحقوقهم إلى العنف دفعاً. لكن الثوار المظلومين سيدفعون، كالمستبدين، فاتورة باهظة من الدم والأرواح وفساد ذات البين. إن نمط حكم تيئيس الشعب من التغيير التي يتبع حكام بلدنا منذ 1978، تعتمد على ركائز تمثل كل واحدة منها قنبلة موقوتة أصبح عدها تنازلياً متسارعاً إلى الإنفجار، نرجو من الله السميع المجيب سد باب هذا الشر عنا وفتح باب التغيير الهادئ والألفة والخير الكثير و أعلنها من هذا المنبر نحن نمد يد الشراكة و العون لرئيس البلاد الحالي المترشح لمأمورية ثانية و لجميع المترشحين و قوى المعارضة و الموالات لتحقيق إنتخابات ذات مصداقية تسد باب التنافر و الإتهام و يكون الغالب فيها و المغلوب فخورين بالمؤسسات و الوطن.
و لكنه من الضروري المواصلة معكم في تشخيص الأمور التالية:
- أولًا هناك ركيزة شر يتكئ عليها النظام منذ عقود، وهي نار تغلي تحت الرماد، وهي لا تبقي و لا تذر حسب التجارب البشرية (زنجبار، رواندا، جنوب أفريقيا…). وتتمثل هذه الركيزة الفتاكة على طول الأمد في اعتماد النظام إذكاء التمايز بين مجموعات الشعب الواحد والتعريض بمجموعة البيظان المفقرة والمقصية أكثر فأكثر، وإيهامها أن كل المعارضين الجادين للنظام عنصريون ومتطرفون، هدفهم الوحيد هو القضاء على البيظان: وتشكلت بهذه الدعاية الكاذبة المسمومة مواقف متأهبة للدفاع عن النفس، بل ومواقف تتعدى ذلك، وهي عدوانية بالدرجة الأولى. وشكلت ردة فعل الدعاية المسمومة الملموسة في جميع قطاعات الدولة والمجتمع، ردة فعل مضادة من طرف السواد الأعظم من السود الناطقين بالحسانية والمتكلمين باللغات الوطنية الأخرى. وخلق النظام بمثل هذه الدعاية معسكرين متنافرين أكثر فأكثر، ليس على مستوى الطبقة السياسية فحسب، بل وعلى مستوى القاعدة العريضة من الشعب والمجتمع.
- إحتضان النظام للفاعلين السياسيين والماليين للدعوة للفوضى والعنف وحمل السلاح لفرض حكم معين على البلاد والمشاركة فيه: منفذي الإنتفاضة المسلحة الدموية سنة 2003 ومنفذي الإنقلابين المسلحين(2005 و 2008)وآخرهما ضد إرادة الشعب المعبر عنها في صناديق الإقتراع، والمجموعات السياسية التي تبنت التصفية الجسدية الدموية لقادة وأنظمة في بلدان أخرى: هذه الجماعات منتظمة الآن في أحزاب معترف بها كحزب حاتم و الإنصاف و تواصل…
- كما أنه معروف لدى الجميع أن موريتانيا كانت ستدخل دوامة عنف لا يمكن لأي كان التنبؤ بما ستؤول إليه بعيد الإنتخابات الرئاسية في يونيو 2019. والكل يعرف من رفض العنف وجفف منابع الفوضى، وكان خاسرًا في ذلك مرتين، ولكن الشعب والوطن كانا رابحين. لقد خسرت إنتصاراً كان مؤكداً في الشوط الثاني خلال إنتخابات 2019 وخسرت متعاطفين كثر وممولين من أهل السخاء الموفور بالمال السياسي، كانوا يريدونها حرباً. والمفارقة عند العقلاء هي أن هؤلاء، بعد تجنب شعبنا ووطننا لخطر الإقتتال "الي كان خبطتهم الي يركصو اعليها"، أصبحوا من أركان النظام وندمائه وشركائه ونصحائه. ونحن، رغم أننا جنبنا البلاد الدمار وبحار الدم، أصبحنا مطرودين من الرحمة والشرعية، وأضحينا نحن هم أهل العنف، وأصبح الإنصاف وتواصل وحاتم والبطرون هم أهل السلم والسكينة؛ إتقوا الله فينا وفيكم وفي هذا الشعب المسكين والبلد المفقر الفقير يا أيها الصم العمي الرافسون في وحل الغفلة والآخذون بأيادينا وأياديكم الآثمة إلى مستنقع جحيم الدنيا.
- إن هناك عصبة الجناح الظلامي المشبع بقناعات اليمين الأقصى والمتفاني في التنظير للدسائس والمولع بخطط التآمر.. عصبة ظلت نجواها بينها:" (أقتلوا يوسف يخل لكم وجه أبيكم) ،لنواصل في حظر حزب الرك، كي نمنع أنصار التيار الإنعتاقي من الحصول على الأوراق الثبوتية، ونمنعهم من التسجيل على اللوائح الإنتخابية، ونمنعهم بالتالي من مصادر تمويل الحملات الإنتخابية، لننزع ثلثي مناصبهم الإنتخابية بمركزة القرار في اللجنة غير المستقلة للإنتخابات، وفي المحصلة نمنع- بكل الطرق والوسائل - بيرام الداه اعبيد من الترشح للإنتخابات الرئاسية المقررة 2024 لأنه من تيار غير مرغوب فيه عندنا، ولأنه منافس خطير لمرشح النظام. ولكن كان من ضمن إخوة يوسف عليه السلام، خلال نجواهم، من يتسم ببعض الحكمة، ورأى غير القتل. ترى فهل سيكون ضمن عصبة النجوى المتحكمة الآن في سفينة البلاد من له ذرة عقل أو بصيرة!
مهما يكن، فإنه من المستبعد، بهذه المنهجية وبهذه الممارسات، أن يخلو لكم وجه الشعب.
- أنا بيرام الداه اعبيد والقادة من حولي ماسكون في أكفنا على جمر السلمية الحارق الملتهب حتى نحقق الأهداف، أو نموت أو نقتل دونها؛ وفي حالة أن الله تبارك وتعالى قال للإحتمال الأخير كن فكان، فهل تتوقع عصبة النجوى أن الشعب المتعطش للخروج من الفقر والبؤس والظلم والتمييز سيقوم مرةً أخرى بتجربة سلم أخرى تقوضونها أنتم في كواليسكم المظلمة؟؟؟
بيرام الداه اعبيد