بيرام في عيد شهداء الجيش: حداد وإفلاس اقتصادي وأخلاقي

أحد, 17/12/2023 - 17:23

كلمة النائب بيرام الداه اعبيد، رئيس منظمة إيرا، خلال تخليد شهداء الجيش الموريتاني، يومي 27-28 نوفمبر، في ابروكسيل

 

27-28: حداد وإفلاس اقتصادي وأخلاقي

بالأمس، 27 نوفمبر 2023، خلال جلسة مقاضاته، استغل الرئيس السابق، محمد ولد عبد العزيز، حقه في المرافعة عن نفسه، واعترف، بمبادرة منه وأمام الملأ، بأنه حصل، من سلفه، خلال شهر أغشت 2019، على ملايين من الدولار واليورو نقدًا، وخمسين سيارة جديدة، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بجزء مما تبقى من تمويلات الحملة الانتخابية لنفس السنة التي استلم بعدها محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد السلطة.

في البدء، فإن التصريحات المذكورة أعلاه تتضمن دروسا وتثير ملاحظات على المستويين التجريبي والأخلاقي:

1-لقد أصبح غموض تمويلات حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، الذي تحول اسمه إلى الانصاف، نارا على عَلَم، بعيدا عن كل لبس.

2-تندرج هذه الوقائع المزعومة ضمن الجرائم الاقتصادية، وتدعو إلى واجب التحقيق بشكل منفصل عن مسار الإجراءات القضائية الحالية المتبعة ضد الرئيس السابق و آخرين. بعد 45 سنة من حكم الابتزاز والمراوغات، تتاح الفرصة للعدالة بغية صقل صورة كم كانت مشوهة!.

3-يُظهر الطابع المتأخر للكشف عن هذه الأسرار الإرادة الجلية لتصفية الحسابات في إطار الصراع بين الرئيسين السابق والحالي.

4- في العديد من المرات، وعبر مشهد مسرحي لا ينتهي، قام الرئيس الموريتاني السابق بعَدِّ "إنجازاته"، مشددا على جانبها المتعلق بإعادة تنظيم وعصرنة القوات المسلحة، كما لو أنه يبحث عن تحفيز وإدامة عادة الميل للانقلابات التي دمرت البلاد.

5-بعيدا عن المبالغات والمزايدات، فإن الحكم العسكري بالجمهورية الإسلامية الموريتانية يشبه مؤسسة مبنية على الافتراس المندرج في النمط لكلاسيكي لخصخصة الأرباح وتعميم الخسائر. وتبقى القبائل والطوائف بمثابة الفاعل والرابح الحصري من عمليات النهب.

6-على أعتاب تخليد عيد الاستقلال، المفجوع بمذبحة إينال العنصرية (يوم 27 نوفمبر 1990)، بات من البديهي أن استعادة الوئام بين مواطنينا تتطلب حوارا مفتوحا وشاملا بالنظر إلى الحاجة الملحة في العيش المشترك على أسس من الشفافية في تسيير الشأن العام والصدق وجبر الأضرار. فوراء الانتهاكات الجسيمة للكرامة البشرية، تزدهر، في الحقيقة، صناعة الاختلاس والتزوير. ويظل انتباه الموريتانيين مصروفا، باستمرار، عن هذه الحقيقة.

7-سيكون على الموريتانيين أن يصدّقوا بعض الأطراف المعارضة، وأن يطلبوا منها الصفح، وهي مَن ما فتئت تشجب مثل هذه الممارسات منذ عقود، دون أن تتمكن من تقديم الدليل. لقد جاء اعتراف محمد ولد عبد العزيز ليسد الفراغ، أخيرا. وسيكون من واجب الرأي العام أن يراجع كل ما سبق: فمن الذي سرق، وعذب، ورحّل، وقتل، وأثيب على الدوام؟.

8-تشكل الرشوة داخل جهاز الدولة ركيزة بنيوية لممارسة السلطة السياسية في موريتانيا. ووصلت ممارستها مستوى من التتفيه جعل تطهيرها واجبا، تحاشيا لرؤية البلاد تتفكك كما حدث في الصومال في عهد سياد بري.

9-انطلاقا مما سبق، سيكون ضارا بمستقبل دولة القانون، أن تتم التغطية على الأفعال غير المشروعة للرئيس السابق والمتواطئين معه، المشمولين أو غير المشمولين في الإجراءات القضائية الحالية، بالإضافة إلى المتحايلين الكبار، اللابسين ثوب رجال الأعمال، وذلك من خلال تهربهم من القانون أو إفلاتهم من العقوبة، أو العفو عنهم. لقد تأخر كثيرا عهد القطيعة مع الإفلات من العقوبة، المتعدد الأوجه.