استأثر سجن المتهمين في ملف العشرية خلال فترة المحاكمة بالساعات الماضية من جلسة اليوم الثاني من المحاكمة، والتي انعقدت اليوم في قصر العدل بولاية نواكشوط الغربية.
وتحدث خلال الجلسة التي بدأت التاسعة والنصف، واستمرت حتى الساعة الثانية والنصف ظهرا نحو 25 محاميا، يمثلون مختلف الأطراف، فيما أثارت خلالها مواضيع جانبية خلافات حادة بين النيابة والمحامين، وبين محامي الطرفين خلال الجلسة.
سجن غير شرعي
وبدأت القضية بطلب قدمه المحامي سيدي محمد ولد محمد فال، وهو من دفاع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، دعا فيه المحكمة إلى بحث قضية استمرار سجن المتهمين خلال المحكمة، ووصفها بالقضية الجوهرية التي يتعين البت فيها قبل أي إجراء آخر.
ووصف ولد محمد فال القضية بالاستعجالية، منبها المحكمة إلى أنه اطلع على المادة: 256 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي نصت على توقيت صدور قرار الإيداع، وهو تاريخ المثول أمام رئيس المحكمة أي الخميس قبل الماضي، ولم يصدر حينها أي قرار.
وطالب ولد محمد فال باستعادة موكله والمتهمين في الملف لحريتهم، واصفا استمرار سجنهم بأنه "غير شرعي".
وقد تدخل عدد من محامي الرئيس السابق حول نفس الحيثية، فيما شكك المحامي محمد ولد اشدو خلال مداخلته في علنية المحاكمة، مستدلا على ذلك بقلة الجمهور، وبالإجراءات المقعدة لدخول القاعة.
المحامي محمد ولد أحمد مسكه – وهو محامي رجل الأعمال الشاب محمد ولد امصبوع – قال إن أمر الإيداع أحال إلى المادة: 147 من قانون الإجراءات، وإن هذا المادة واضحة وجلية، حيث اشترطت ثلاثة شروط لأمر الإيداع، أولها شرط لازم، وهو أن يكون المتهم في وضعية إفراج مؤقت، وهو ما لا يتوفر في المتهمين.
وأضاف ولد أحمد مسكه أن الشرط الثاني هو أن يستدعى ولا يمثل، والثالث أن تستجد وقائع خطيرة، نافيا حصول أي من هذه الشروط.
وقال ولد أحمد مسكه إن قرار الإيداع استند كذلك على المادة: 153 من القانون في التأكيد على أنه لا تعارض بين أمر الإفراج المؤقت والإيداع المؤقت، واصفا ما وقع بأنه تأويل بعيد، مشيرا إلى أن التأويل لا يكون إلا لصالح المتهم.
وذكر ولد أحمد مسكه بأن الفقرة الأخيرة من المادة: 10 من الدستور الموريتاني تنص على أن الحرية لا تقيد إلا بقانون، مشددا على أنه لا يوجد قانون صريح بتقييد حرية المتهمين في هذا الملف.
المحامي الشيخ عبد الله ولد أحمد باب – وهو محامي الوزير السابق محمد عبد الله ولد أدواع – رأى أن الواقع الآن هو أن الجميع في أزمة قانونية، وفراغ، مؤكدا أن السبب فيما وصفه بالورطة هي النيابة العامة وقطب التحقيق.
وأضاف ولد أحمد باب أنه لا يفترض أن يكون متهم في قضية جنائية طليقا إلا بحرية مؤقتة، مردفا أن وجود المتهمين الآن طلقاء وليسوا في حرية مؤقتة يجعلهم في حالة فراغ قانوني.
واستطرد ولد أحمد باب حديثا عن مشاركته في تعديل قانون الإجراءات 2007، لكن رئيس المحكمة قاطعه، مطالبا بالاقتصار على ما يفيد من مجريات تعديل القانون، أو العودة للموضوع.
طعن في الشرعية
ممثل النيابة العامة وكيل الجمهورية القاضي أحمد عبد الله المصطفى طعن في شرعية نقاش سجن المتهمين خلال المحاكمة، مؤكدا أن المادة: 144 من قانون الإجراءات صريحة في أن طلبات الإفراج تقدم مكتوبة لرئيس المحكمة وهو في وضعية شبيه فيها بوضعية قاضي التحقيق.
وشدد ممثل النيابة العامة على عدم شرعية تقديم هذه الطلبات خلال جلسة علنية للمحكمة كأي إجراء آخر.
وقال وكيل الجمهورية إنه لن يقدم رأيه في طلب الإفراج إلا بعد أن يصله مؤشرا من قاضي التحقيق، واصفا الطريقة التي تم بها تقديم الموضوع ونقاشه بأنها غير قانونية.
وقد أثار حديث ممثلي الطرف المدني (الدولة) جدلا في القاعة، حيث رفضه دفاع المتهمين، قبل أن يصدر رئيس المحكمة قرارا بالسماح لهم بالحديث، فيما أكد من تحدثوا منهم شرعية الإجراء المتخذ بسجن المتهمين خلال مجريات المحكمة.
وقد استمر النقاش حول القضية حتى موعد صلاة الظهر، حيث رفع رئيس المحكمة الجلسة على أن يستأنفها لاحقا.