أعلنت الحكومة السودانية إحباط محاولة انقلاب في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، في الوقت الذي تمر فيه البلاد بمرحلة انتقالية هشة منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في عام 2019.
وقالت الحكومة إن ضباطا ومدنيين مرتبطين بنظام الرئيس المخلوع، حاولوا الانقلاب لكن سرعان ما سيطرت الحكومة على الأمور.
وقال رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، إن محاولة الانقلاب الفاشلة "كانت تستهدف الثورة وما حققه الشعب السوداني من إنجازات".
وأضاف خلال كلمة له في اجتماع طارئ لمجلس الوزراء أن من سماهم بـ"الانقلابيين" كانوا يسعون إلى "تقويض النظام الديمقراطي"، مشيرا إلى أن هذا الأمر مستحيل في ظل ما وصفه بـ"يقظة الشعب السوداني".
وأوضح أن هناك علاقة بين محاولة الانقلاب والانفلات الأمني في بعض مناطق البلاد، والاحتجاجات ذات الطابع القبلي في شرق البلاد.
وطمأن وزير الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة، حمزة بلول الأمير، الشعب السوداني بأن الأوضاع تحت السيطرة التامة، إذ قبض على قادة المحاولة الانقلابية من العسكريين والمدنيين ويجري التحقيق معهم حاليا، بعد "تصفية آخر جيوب الانقلاب في معسكر الشجرة".
وتواصل الأجهزة المختصة ملاحقة فلول النظام البائد المشاركين في المحاولة الفاشلة. ودعت الحكومة قطاعات الشعب السوداني إلى "توخى اليقظة والانتباه إلى المحاولات المتكررة التي تسعى لإجهاض ثورة ديسمبر/كانون الأول".
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصادر عسكرية وحكومية رفيعة المستوى قولها إن المحاولة شملت مجموعة من الضباط "أوقفوا على الفور" بعد أن "فشلوا" في السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون الحكومي.
وبدأ التلفزيون الرسمي، عقب إعلان فشل المحاولة، بث سلسلة من الأغاني الوطنية.
وقال عضو مجلس السيادة السوداني محمد الفكي سليمان لبي بي سي إن الاوضاع أصبحت تحت السيطرة بعد المحاولة الانقلابية.
وأضاف أن الأجهزة العسكرية والأمنية تمكنت من السيطرة على الوحدات العسكرية التي كان مدبرو الانقلاب ينوون السيطرة عليها.
وأشار إلى أنهم كانوا يريدون السيطرة على سلاح المدرعات بالشجرة جنوب الخرطوم، ومنطقة وادي سيدنا العسكرية بشمال أمدرمان.
وأضاف أن السلطات ألقت القبض على قادة الانقلاب وأن الأجهزة المعنية ستبدأ التحقيقات معهم فورا.
محاولات انقلاب سابقة
ووقعت محاولات انقلاب سابقة في السودان منذ الإطاحة بالبشير ألقى مسؤولون باللوم فيها على أنصار الرئيس السابق وأعضاء حزبه المنحل.
وهناك تاريخ طويل من الانقلابات في السودان، إذ وصل البشير نفسه، الذي كان لواء سابقا، إلى السلطة بعد الانقلاب العسكري المدعوم من الإسلاميين في عام 1989.
ومازال الرئيس السابق محتجزا منذ الإطاحة به في سجن كوبر شديد الحراسة بالخرطوم، ويواجه المحاكمة بسبب الانقلاب الذي أوصله إلى السلطة.
وقال محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية، في خطاب لقواته الثلاثاء "لن نسمح بحدوث انقلاب".
وأضاف القائد المعروف باسم حميدتي "نريد انتقالا ديمقراطيا حقيقيا من خلال انتخابات حرة ونزيهة على غرار ما حدث في الماضي".
وتحكم السودان حاليا، بموجب اتفاق تقاسم السلطة المبرم في أغسطس/آب 2019 ، حكومة انتقالية مؤلفة من ممثلين مدنيين وعسكريين، ومكلفة بالإشراف على عودة الحكم المدني الكامل.
ونص الاتفاق في الأصل على تشكيل مجلس تشريعي خلال فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، لكن تلك الفترة أعيد تحديدها عندما وقع السودان اتفاق سلام مع تحالف الجماعات المتمردة في أكتوبر / تشرين الأول الماضي.
وبعد مرور أكثر من عامين، لا تزال البلاد تعاني من مشاكل اقتصادية مزمنة موروثة من نظام البشير، فضلا عن الانقسامات العميقة بين مختلف الفصائل التي تقود المرحلة الانتقالية.
وتعهدت الإدارة الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بتفكيك إرث البشير وإصلاح الاقتصاد المنهك وإقامة السلام مع الجماعات المتمردة التي قاتلت نظام البشير.
عودة الحياة إلى طبيعتها
ويقول مراسل بي بي سي نيوز في الخرطوم إن الحياة تبدو طبيعية على الرغم من إعلان السلطات السودانية إحباطها لمحاولة الانقلاب.
وأعيد فتح أحد الجسور الرئيسية التي تربط بين مدينتي الخرطوم وأمدرمان بعد لحظات من إغلاقه بواسطة قوات الجيش.