في ظل حالة من الترقب وتصاعد التوتر بين الحكومة التركية والأكراد، لا يفوت الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أي فرصة للنيل من الأكراد والتضييق عليهم بذرائع مختلفة، كان آخرها تشديد الإجراءات الأمنية في احتفالات عيد النيروز.
فاحتفالات رأس السنة الكردية أو ما يطلق عليها عيد النيروز هي مظاهر احتفالية ثقافية لا يشوبها أي مظاهر سياسية، إلا أن قوات الأمن التركية منعت الاحتفالات بذريعة الأسباب الأمنية، وهو ما يعد تضييقا على حريات الأكراد.
واللافت أن السلطات التركية كانت قد رفعت، الاثنين، حظرا للتجول بهدف التصدي للمسلحين الأكراد في منطقة من مدينة ديار بكر أكبر مدن جنوب شرق البلاد، لكن في المقابل تم تشديد الإجراءات الأمنية مع احتفال الأكراد بأعياد النيروز، وذلك يوحي بمدى القبضة الأمنية التي يعاني منها الأكراد في مناطق جنوب شرقي البلاد.
ومنذ فترة، يسعى أردوغان إلى تسويق فكرة أن الأكراد إرهابيون، لكي يرسخ حالة السخط العام ضد الأكراد بين الأتراك بعد الاعتداءات الأخيرة ضد الشرطة، وفي نفس الوقت يعلم أن العالم لن يمنحه صك الانضمام للاتحاد الأوروبي دون تسوية لأزمة الأكراد.
فالرئيس التركي، في وقت سابق، طالب واشنطن بالاختيار بين مساندة بلاده أو وحدات حماية الشعب الكردية، وشدد على أن تركيا لا تعتزم وقف قصف هذه الجماعة الكردية.
من جانبهم، أصبح الأكراد أنفسهم يعتبرون أردوغان بمثابة عدوهم الأول بسبب تعنته ومحاولاته المستمرة للتضييق على حرياتهم أو إلصاق التهم، إذ كان ذلك جليا في هجوم إسطنبول الذي اتجهت أصابع الاتهام إلى الأكراد، في حين أعلن وزير الداخلية أن المنفذ على علاقة بتنظيم داعش.
وبالإضافة إلى ما سبق، ندد الرئيس التركي أيضا بخطوة أكراد سوريا التي أعلنوا خلالها "النظام الفيدرالي" شمالي سوريا، معتبرا أن هذه التحركات تمثل تهديدا لأمن تركيا، وهو ما يراه مراقبون أنه ليس إلا حلقة في سلسلة قمعه للأكراد.
إلا أن الأكراد في تركيا، ليس لهم نصيبا إلا في التمييز بحقهم على عكس أكراد العراق وسوريا، إذ انتهجت الدولة التركية ضدهم صنوفا من التمييز العنصري والقمع القومي المستمرين، لدرجة حظر التحدث باللغة الكردية، وتغريم من يتحدث بها في الأماكن العامة.
ويكمن الهدف، الذي لطالما يخفيه أردوغان، كان في سعيه للحصول على الأغلبية المطلقة في الانتخابات البرلمانية لتحقيق حلمه بتغيير الدستور التركي وتحويله إلى نظام رئاسي، إلا أن حزب الشعوب الديمقراطي أفسد خططه وتحول لقوة كردية داخل البرلمان، ما دفعه لحشد قوته ونفوذه لتقليم أظافر الأكراد خوفا على خططه المستقبلية.
يذكر أن العنف في الجنوب الشرقي ذي الأغلبية الكردية قد تصاعد منذ انهيار وقف لإطلاق النار استمر عامين ونصف في يوليو، حيث ركز المسلحون ضرباتهم في مدن الجنوب الشرقي على قوات الأمن مما أدى لفرض حظر التجول في عدة مناطق، وتلى ذلك تشديد الإجراءات الأمنية في احتفالات السنة الكردية الجديدة.