هيئة الساحل
Fondation SAHEL
بيان صحفي
نندد بالعنف .. و ندعو لاستخلاص العبر
عرفت بعض مقاطعات العاصمة انواكشوط في اليومين الماضيين أحداثا غير طبيعية و خطيرة جدا و خلفت أضرارا مادية و نفسية كبيرة لدى معظم المواطنين . بدأت الأمور عندما ارتأى الناقلون الصغار ( أصحاب سيارات الأجرة الحضرية) أن القانون الجديد المنظم للسير يحمل في طياته عقوبات مجحفة و من الصعب النجاة منها. و لذلك قرروا ـ على ما يبدوـ الخروج للشوارع في فاتح مايو تعبيرا عن اعتراضهم على بعض بنود ذلك القانون الذي كان من المقرر بدأ العمل به نفس اليوم .
و كان اليوم الأول شبه طبيعي، حيث حاول المتظاهرون منع سيارات الأجرة من نقل الركاب. و فعلا تأثر المواطنون من ذلك و لكن السلطات لم تنتبه إلى احتمال تطور الأمور و لم تأخر احتياطاتها تحسبا للتطورات. و فعلا استغلت الغوغاء الموقف و حدثت أعمال شغب . و كادت الأمور تخرج عن السيطرة لولى التدخل النوعي لقوات الأمن و لولى تصريحات وزير التجهيز و النقل الذي طمأن السائقين حول بعض جوانب القانون. و عادت الأمور إلى مجاريها الطبيعية منذ ظهر اليوم الثاني (الثلاثاء) و حتى الآن.
إننا في هيئة الساحل للدفاع عن حقوق الإنسان و دعم التعليم و توطيد السلم الإجتماعي، إذ نندد بشدة بأعمال العنف التي حدثت يوم أمس، نعتبرها سابقة خطيرة جدا و ناتجة عن استمرار بعض الممارسات التمييزية و إشاعة خطاب سلبي يفتقر للحكمة و بعد النظر، تمثل الوسائط الإجتماعية أكبر أرضية له، للأسف ...
كما نستهجن صمت الأهالي و النشطاء الجمعويين و السياسيين و عدم تدخلهم في الوقت المناسب ، فكان عليهم أن ينزلوا للشوارع لردع أبنائهم و تهذيب تحركاتهم و ضبط مساراتهم حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة ، خاصة أن المشاغبين كانوا كلهم صبية لا علاقة لهم بالحدث ، ولابد أن لهم محرك آخر .
كذلك ندين تعامل الشرطة القاسي مع بعض المتظاهرين ـ مما لاحظناـ و هو أمر لا يتناسب مع حجم الحدث و كان يجب التأهب و اليقظة بدل التدخل المتأخر و صب جام الغضب على أناس سلميين ملئت بهم السجون و وجهت لهم تهم غير دقيقة سيروح ضحيتها أبرياء، كما حدث في الماضي .
و نهيب بالرأي العام الوطني ، من مثقفين و صناع القرار و قادة الرأي إلى استخلاص العبر مما حدث يوم أمس، لأن عفوية التحرك و خطورته تعبر عن وجود أسباب غير مباشرة للحدث . يمكن البحث عن تلك الأسباب في استمرار الغبن و تردي التعليم و ضعف خدمات الدولة و انعدام الشعور بالمواطنة عند الشباب خصوصا. و هذا أمر خطير جدا إذا لم يؤخذ بعين الاعتبار فقد يكون السكون الآن مجرد استراحة محارب مادام الداء لم يعالج.
و في الختام ندعو السلطات الأمنية إلى الإفراج الفوري عن كافة المعتقلين و السعي في اتجاه التهدئة و اجتثاث الأسباب البعيدة بدل استخدام المهدئات ، وأن يكون ذلك بالبحث عن حلول تنصف أصحاب السيارات و تبعد شبح الفوضى و العنف من خلال إنشاء صندوق لدعم الناقلين الصغار و تمكينهم من الحصول على سيارات بأسعار ميسرة تكفل لهم عيشا كريما و للدولة إتاوات منصفة .
انواكشوط في 3 مايو 2017
لجنة حقوق الإنسان