العرب السمر..خزان الهوية المنسي

أحد, 05/03/2017 - 08:24

"الحراطين" او "العرب السمر" ..غالبية هذا الشعب وقوامه الحي ..عرق الحياة ووقود العزيمة ..لوحة تعانق الصبر وتجاعيد المأساة..
قصة ملحمية من الكفاح الشريف والمجابهة النبيلة لظلم مستشري وواقع مرير فرضته جاهلية الإنسان في نسخته الاولى المتشبعة بنهم التسلط والاستعباد وامتهان الضعفاء..
وحده ذلك المجتمع البدوي المفعم بالطيبة القابع بين أكواخ البساطة في (آدوابه) والاحياء الشعبية يذكرك بقيمة الحياة الموريتانية بكل تفاصيلها (بساطتها ..كرمها..اريحيتها ،وقهرها لظروف الطبيعة..) وحده ذلك الوجه البشوش في "أدباي" يذكرك بنبل البدوي المقاتل في سبيل الفضيلة قبل غزو رتوش الحداثة المستوردة بماركة صينية..
جميلة هي تجاعيد وجه ذلك الشيخ الحرطاني الذي يستقبلك في عريشه الصغير ساخرا من قدره ومتحديا لعائدات الزمن الضنين احيانا بلقمة في بُطُون أطفال جياع..لن يستطيع الزمن ان يسطو على إرادة ذلك الشيخ وهو ينفق على ضيوفه بسخاء حاتمي لامثيل له مهما خانته اليد والحيلة، ولن تستطيع الظروف هزيمة "طبل"المديح تداعبه فتيات العرب السمر حين يرخي الليل سدوله وتسقط الحياة المدنية الغاصة بالخطايا والتلوث في قبضة الظلام...
رغم مواجهة جحافل الرّق الظالم ومخلفاته المدمرة ظل (العرب السمر) اكثر المتمسكين والمتشبثين بأصالة هذه الارض وكل مايمت لها بصلة..(دينها ..لغتها.. تراثها الأدبي والفني والفلكلوري..)..
لم يشكل الاسترقاق البغيض ومخلفاته -التي يعاني منها أشقاؤنا واهلنا (العرب السمر) -وصمة عار في جبين هذا الشعب فقط ولم يشكل عائقا حقيقيا يقف امام نهضته وتقدمه فحسب بل شكل ايضا عقبة كبرى دون استرداد الشعب الموريتاني لشخصيته الثقافية و الحضارية وتصالحه مع عمقه وذاته بسبب غياب وتهميش اكبر الأجنحة التي تستطيع ان تحلق بها هوية هذا البلد..
طالما بقيت مشكلة الرق عالقة في هذا البلد فستبقى المشاكل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية تراوح مكانها وسيبقى التهديد الاكبر الذي يواجه لحمتنا الوطنية قائما كشبح مروع يتقمصه كل من يحمل أجندة تفتيية او تغريبية لهذا الشعب بل وسيظل المدافعون عن هوية البلاد يلعبون دون "رأس حربة" (بلغة الكرة) ...
العلاج السياسي والاجتماعي لمشكلة الاسترقاق يتطلب جلوس النخب الموريتانية على طاولة واحدة تخرج باجراءات عملية وحلول ناجعة ..بتمييز ايجابي..بتمدرس اجباري ..بصناديق اجتماعية تستهدف تنمية ادوابة وكل القرى التي سقطت فريسة للتمييز والفقر ومخلفات القهر الاجتماعي البغيض..
ان علينا كمناهضين للتغريب وطمس الهوية الوطنية أن نجعل من شعار محاربة الرق أولوية كبرى تنضاف للدفاع عن لغة الضاد وتطوير التمدرس الحديث و تفعيل شعار العدالة الاجتماعية والقضاء على الفوارق التعليمية التي انتجتها الرأسماية المتوحشة في قطاع التعليم خصوصا...(وعند الصباح يحمد القوم السرى)...

أحمد حمنيه-مسؤول الاعلام بالمنظمة الشبابية لحزب الصواب