عندما تنقطع الأنوار وتتعطل المصابيح في المنزل للحظات، و تهدأ حركة الأطفال بداخل المنزل، ويهجر كل من كان منهم جالسا أمام التلفاز مكانه خوفا من شبح الظلام المخيف تدرك أن الطفل بطبعه البريئ يبحث عن الحرية و يخاف الظلام و قد يحوله ذلك الظلام إلي باحث عن النور باحث عن عالم لا ظلام فيه، وتقول سيدة هرمة في زاوية من الغرفة اللهم أني أعوذ بك من ظلمات القبر وذلك إداركا منها أن القبر ليس مزودا بطاقة شمسية ولا حتي مربوط بشبكة كهربائية ولا يجزي فيه النسب و المال و لا السلطة، تدرك و أنت تستمع لها أنك تنتمي لمجتمع ظالم و مستبد فماذا يقول ذلك القاضي الجالس علي كرسيه للمقاضاة بين الناس حين يكون غير صادقا في إصدار أحكامه، ماذا يقول ذلك الشرطي الذي يحرف محاضر التحقيق و يورط من يريد أن يورط ويقوم بوضع بقية سرقة أو مخدر محجوز لدي مجرم في محضر آخر لشخص بريئ من أجل رميه في السجن بسبب خلاف أو تصفية حسابات تعود في مجملها لعلاقة غرامية أو مبلغ مالي رفض دفعه للشرطي من أجل إخلاء سبيله، ماذا يقول المواطن البسيط الذي يعيش كابوس الظلام الحالك و الظلم المقيت، و تحاول النظر من حولك فلا تجد سوي الظلام بكل أنواعه وتجلياته حتي أنه يمنعك من رؤية من هم حولك حتي ولو كانوا من أقرب المقربين إليك، تشعر حتي و إن لم تصرح بها رسميا بآلام المظلومين و المحرومين و تفكر في قيمة الحرية التي يسعي كل واحد منا للحصول عليها، تفكر في مساجين يعيشون خلف الزنازن لا ذنب لهم سوي أنهم رفعوا راية الحقيقة و أعلنوا رفضهم للظلم و القهر و العبودية و الإستبعاد، أسطر أحرف هذه و أنا أفكر في رفاقي من حركة إيرا و حركة 25 فبراير الذين يعانقون السجون و يتزنون بالأغلال الحديدية المربوطة في سواعدهم الطاهرة ويتعطرون بروائح البول و الأوساخ الموجودة بالسجن، أفكر في حجم المؤامرة التي حيكت ضدهم ووقع الظلم الذي فبرك في حقهم ومستوي القهر النفسي و المعنوي الذي كانوا عرضت له علي يد أشباح خلقوا ودربوا و تكونوا من أجل ظلم هذا الشعب المسكين، أنتم رفاقي تعيشون في سجن صغير محروسين من كل الجهات الأبواب موصدة و النوافذ مغلقة و الحراس يحيطون بكم من كل مكان توضعون تحت الرقابة و يتم إخراجكم من السجن في مهمتين الأولي نحو العدالة من أجل الإستماع لكم و الثانية في أتجاه المجهول وفي بعض الحالات زيارة ذويكم لكم و التي تخضع في عديد الحالات لمسطرة أخري تحدد الشخص، صورته، عدد الزيارات و رقم بطاقة التعريف و حتي القرابة مع المعني، أما نحن فنعيش في سجن كبير يختلف مع ما أنتم فيه نري حركة السيارات و نستمع لضجيج المدينة و نتجول في الشوارع ونزور الأسواق و تسهر دروريات ليلية من الشرطة و الحرس و الدرك علي حراستنا من اللصوص و المجرمين لكنها لا تستطيع الإمساك بهم قادرة فقط وفي رمشة عين علي الإمساك بنا نحن و الزج بنا قي السجون، كم تسمعون من مرة في اليوم عن فتاة أغتصبت و آخر طعن بسكين في مسجد و آخر خرج دون أن يعود لأهله وسيدة أعطت كل ما لديها من أجل شرفها، ممن منكم لم يسجل واقعة في سجل الأحوال الجارية لدي إحدي المفوضيات النائية أنواكشوط، وفي الغالب سيارتنا متعطلة مفوضنا لم يعطي التعليمات من أجل التدخل، ليس لدينا وقود، هاتف ضابط المداومة مشغول، و كيل الجمهورية لم يعطي تعليمات، الواقعة لم تقع في حيزنا الجغرافي.... الخ من الحجج، لكن عندما يتعلق الأمر بمواطنين عزل يريدون الحرية العدالة و المساواة و التكافؤ في الفرص تغيب كل الحجج الواهية تكون السيارة جاهزة و تعليمات المفوض تستجيب لتعليمات العليا و هاتف ضابط المداومة موجود و مسطرة الإجراءات القانونية المتبعة تم التقيد بها و الحيز الجغرافي لا يهم المهم أن الواقعة وقعة في تفرغ زينة و يمكن التحقيق مع المشمولين في الرياض أو توجنين و حتي في عدل بكروا بتعليمات من وكيل الجمهورية، هو القانون في موريتانيا يشبه الملابس أيام العيد فكثيرا ما تشتري زيا تدرك أنه أكبر منك لكنك تعول علي الخياط الذي يغصه حتي يكون متناسقا معك القانون الموريتاني يتعرض لعملية غص دائما حتي أنه أصبح معرضا للأنقراض.
بقلم : حمين سيدي أمعيبس