يمكن للطباعة أو كتابة النصوص أن تلحق ضررا كبيرا بيديك و معصميك كما أن للصوت الذي يصدح من سماعات الأذن و الذي يوازي بقوته صوت الطائرة و هي تقلع في مكان مجاور ضرر على الخلايا التي تنقل المعلومات السمعية إلى دماغك كما أن سبع ساعات من العمل أمام جهاز الكمبيوتر ستلحق ضررا كبيرا أو تسبب التواء في عمودك الفقري لكن كل ذالك يبقي خطره قابل للحصر إن حافظت على ظلك الرقمي بعيدا عن متطفلي الفضاء السايبيري .
في هذا العالم حيث الجميع يرتدي الأبيض تكتسب أتفه الأشياء حين تستعيدها الذاكرة حيوية و رهافة و أهمية حيث تحوُّل الإنسان إلى ذاكرة على فضاء الإنترنت مما سبب هجرات متواترة تتواصل بلا انقطاع من و إلى الإنترنت ففقط تكفيك نقرات ليتحقّق السفر اللانهائي نحو الافتراضي بدل الواقعي فالأمر أشبه ما يكون بحالة من الانتقال العفوي و القسري من الواقعي إلى الافتراضي.
إن مواطن اليوم الذي يتراوح عمره ما بين 10 و 35 سنة مسكون بالإنترنت، و يتغذّى من الثقافة الرّقميّة، ما يتيح إمكانية الحديث عن مواطن الشبكة و المواطن المدون و قد يعتقد أن المعلومات بشأنه عبر الإنترنت هي ذات طبيعة خاصة، و غير مثيرة للاهتمام، أو يصعب إيجادها لكن الحقيقة الغائبة عنه هي إنه بمساعدة وسائل بسيطة، بالإمكان جمع أجزاء متفرقة من المعلومات لتكوين صورة رقمية تشمل تفاصيل عن أمكنة تواجده (الحالية و السابقة) و سجل أنشطته و اهتماماته (عبر شبكة الإنترنت و خارجها) و أدلة على تواجده في مناسبات معيّنة و لائحة بأصدقائه و سجل بمراسلاته و وثائقه و هنا يكمن الخطر.
يعتقد البعض أن التطوّرات التقنية التي يعرفها المجتمع المعاصر و المشاكل الناجمة عنها، هي موضوعات لا يمكن أن يخوض فيها إلا المتخصّصون في المجال، من علماء و مهندسين و تقنيين، و هو اعتقاد مُجانب للصواب، لأن الفهم الصحيح للتقنية يستوجب النظر إليها على أنها ظاهرة ذات أبعاد و مستويات مُتعدّدة: اقتصادية، اجتماعية، سياسية، قانونية و ثقافية.
الهوس بالأرشفة و الذاكرة و جمع البيانات يثير التساؤل حول كل هذه العناية التي توليها بعض الشركات بذاكرتنا الشخصية فالشركات التي تشغل مواقع إلكترونية غالباً ما تبقي معلومات عنا بغية تلبية احتياجاتنا بطريقة أكثر فعالية و ترتبط الإعلانات التي نراها على صفحات المواقع الإلكترونية في أكثر الأحيان بعمليات البحث التي قمنا بها سابقاً و أنشطتنا الأخرى عبر شبكة الإنترنت إلا أن الشركات التي تحتفظ بهذه المعلومات على علم أكثر من ذلك بكثير بتفاصيل تخصّنا: أي جهاز كمبيوتر أو هاتف نستخدم، ما هي الأمور التي كنا نقوم بالبحث عنها عبر الإنترنت فإذا دخلنا إلى حساب ما، باستطاعة هذه الشركات معرفة الأسماء، و عنوان بريدنا الإلكتروني حتى إذا استخدمنا اسماً آخر لدى ولوجنا الحساب، فسيتمكن رغم ذلك جهاز الكمبيوتر و المتصفّح من تحديد هويتنا.
كمستخدمين عاديين أحياناً نقدم على المخاطرة لأننا نعتقد أن إمكانيات وقوع أمر سيئ مستبعدة للغاية إلى حد لا ننظر معه في أحتمال سعينا إلى تغيير طريقة تصرّفنا و في مناسبات أخرى، قد نأخذ قراراً بعدم المخاطرة – و يبلغ بنا الأمر أن ندرك أن الآخرين قد يتأثرون بتبعات ما نقوم به و للتمكن من اتخاذ قرار جيّد بشأن المخاطرة، نحن بحاجة إلى معرفة آرائنا، و تبعات اتخاذ هذه الخيارات و ما يمكننا القيام به للتصرّف حيال ارتدادات الأمر و للحد من ذلك، حاولوا تقليص حجم المعلومات المرتبطة بكم و المتوافرة عبر الإنترنت.
ما هي أنواع المخاطر التي قد تعترض طريقنا؟ و هل من الممكن أن تكون البيانات التي نجمعها عرضة للكشف، أو النسخ أو التدمير؟ هل نحن في خطر أم الأشخاص الذين نشاركهم المعلومات؟ لذالك عليك كمستخدم عادي أن تحاول وضع المخاطر المحتملة ضمن تسلسل أولويات لا سيما أن ذلك سيساعدك على إيجاد الحلول المناسبة.
بإمكان اللصوص الدخول إلى منزلكم عبر الربط بين عنوانكم (بواسطة إحدى صفحاتكم الإجتماعية) و كونكم لستم في المنزل (بواسطة تغريدة لكم عبر صفحة أخرى تنشطون عليها) و قد تحتوي رسالة إلكترونية تتلقونها على رابط متّصل بفيديو يظهر مشاهد لإنتهاكات حقوق الإنسان و عندما تقومون بالنقر يمسي جهازكم مصاباً ببرمجيات خبيثة.
في المقابل، لا يزال بإستطاعتنا أن نساهم و لو بالقليل لحماية خصوصيتنا و أمننا على الصعيد الرقمي و ذالك عن طريق :
· تعمية البريد الإلكتروني
· تعمية الرسائل الآنية
· تعمية عملية التصفّح
إننا نقدّم كنوزاً مجانية لشركات غير موثوقة البتة و لمراكز بحثية تعتبرنا كقطعة من محرك عملاق يقبع موظفوها وراء الزجاج المُكبِّر لتقديم أحدث المواصفات لشركات تدير قلوبنا و عقولنا نحو هدف واحد و وحيد و هو ثرائها!.
المختار ولد أعبيدي
مهندس و خبير فى تكنولوجيا المعلومات