تتعدد المفاهيم بتعدد المقاصد فالقمة قد تعني مجموعة من المدلولالات التي تتميز حسب تميز فلسفة الذات في فهم فكرة الوجود حسب النظرة الهيدغرية حول فهم الكائن والعالم " الكائن في العالم" أو "كائن هنا " (Dasein) وبهذا يكون عنصرا حيويا وفعالا في علاقته الحوارية مع مفهوم " الكائن مع الأخر"(Mitsein). فيودي هنا الفهم إلي تجسيد وظيفة " المشاركة" (participation) ويتعلق بدلالة "فن التأويل"(herméneutuque) الذي يحتمل كل هذه الأوجه المعرفية والمنهجية والأنطولوجية ( الفهم، المشاركة، الحوار، احترام مشاعر الطيف ألاثني).
فقد مر نصف القمة بسلام وخصم نصفها الأخر اعني يومها الثاني وبعض أجزاء من اليوم الأول قد كنت متواجد في دولة "التيرانكا" السنغال التي تجاهل إعلامها فعاليات القمة والتي قد لا تكون تعنيه ولا يعلق عليها أمل، فما كان من بُد في متابعة الإعلام اللبناني الذي غطاء إعلامه العمومي والخصوصي فعاليات القمة بمحاسنها ومآسيها فما كان مني إلا أن ابحث عن قناة عربية أخري فلجأت إلي الإعلام المغربي الذي كان قد اشغل بأمور أخري متجاهلا القمة وكأنه بلدي إفريقي غير ذي عربي عدت أدرجي إلي إعلامنا الوطني فكانت الطامة اكبر في صراع حميم بين المواقع وكأنها فرق متصارعة من حيث نقل المعلومة وتشويه الصورة فالبعض مادحا والأخر منتقدا حرمانه من تغطية فعاليات القمة.
وبعيدا عن الارتماء في أحضان نواميس مقاصد قواميس اللغة ودواليب التفاسير ومعاضدة اللفظ باللفظ وطأطأة فصل القول بدهليز الكلم وإناءة بنفسي عن سفالة غير ذي مقصد في شظايا تطاير أسئلتي وان كنت اقصد من اعتبروا البرابرة أنذل من الأعراب وان لحراطين سفالة البيظان وان الزنوج أنذل من الرعاة بمفهوم الشعبي وان الصناع أحقر من المغنيين بهذه التراتبية أساء إلي أنفسنا فأساء إلينا العربان من الأعراب والروم والفرس والأقباط عبر التاريخ ،فمن المعروف أن النقد هو تعبير مكتوب أو منطوق من متخصص يظهر سلبيات أو إيجابيات أقوال أو أفعال أو إبداعات أو قرارات متخذة من طرف إنسان أو مجموعة من البشر في مختلف المجالات من وجهة نظر هذا الناقد ، كما يذكر مكامن القوة ومكامن الضعف في ما ينتقد وقد يقترح حلول .
وبعد هذا التعريف الجزئي أنكه بيت القصيد في أسئلتي؟
1 – فقد أساء الرئيس الفرعوني نور السادات إلينا بالقول " حتى دويلة يجهلها التاريخ وتجهله...." فدفعتنا عقدة حب العروبة إلي امتصاص عنفوانية الإساءة.
2 – فقد سبق أن أساء إلينا السفير اللبناني في ما يرفع بفضيحة سرقة بنوك رجال أعمال لبنانيين في السنغال وهي قضية يعلمها القاصي والداني حينما قال السفير اللبناني أمام المحاكم السنغالية قولته الشهيرة " إن الموريتانيين أبناء عمومة لكن لعنهم الرب منذ زمان" فما كان منا إلا تعتم علي الإساءة فمتى كان الدرزي عربيا؟؟؟.
3 – الدكتور والمفكر العربي حسين هيكل فقد أساء إلينا بقوله " ما لحقت اللعنة بالعربان إلا عندما انضمت إليهم موريتانيا "
4 – الدكتور فاعور فقد أساء إلينا بقوله: " إن الظروف الصحية والبيئة في موريتانيا لا تتماشي مع المعايير الصحية المتبعة في العالم"
في خضم هذا التصادم فقد حرم لحراطين أو العبيد والعبيد السابقون، من التمثيل في مجتمع كثيرا ما تشدق عن الوحدة الوطنية ومن الظهور علي شاشة تلفـاز الوطنية إقصاء متعمد من حضور القمة متناسين أنهم جزء أساسي من منظومة التاريخ والحاضر والماضي في هذا البلد، إنهم وهج الحياة الذي صهرته المأساة جروح هذا الوطن الذي أدمن البكاء والرقص على جراحه منذ انسلاخ الطين عن ضفتي المحيط في هذا الأرض البائسة والتي لا تكاد أن تندمل حتى تم الإساءة إلينا طعنا في عروبة البعض منا سواء من يدعي العروبة بالنسب أو بالعصبية وان كانت الفصاحة في الشعر ديدننا والنحو قنديل بلاغتنا كما في يوميات الحياة، فما شفع للحراطين حضورهم، الفلكلوري وجروح غائرة في حب وطن لا يندمل وقصة عشق وجمال، تترنح بين مفاهيم وذكريات متصارعة. وتكشف الأمثال الحسانية جانبا مُهما من نهر الاحتقار الذي
وحينئذ تعود سيخلة الأعراب خادم عامر بن الضرب العدواني الذي كان الأعراب يحتكمون إليه في جاهليتهم إذا اختلفوا . فجاءه مرة وفد من إحدى القبائل فقالوا له: يا عامر وجد بيننا شخص له آلتان آلة للذكر وآلة للأنثى ونريد أن نورثه فهل نحكم له على أنه أنثى أو نحكم له على أنه ذكر.
مع احترامي لكل من يدعي أصالة العروبة وأصالة البيظان وأصالة الزنجية وارفع هامتي لكل حرطاني إفريقي انقي آدم أصيل.
الأستاذ : محمد ورزك محمود الرازكه
دكار - السنغال