
يشكّل إنتاج الكهرباء في موريتانيا ملفًا إستراتيجيًا ضمن أولويات التنمية الوطنية، في ظل النمو السكاني والتوسع العمراني والصناعي الذي تشهده البلاد، كما تكشف البيانات قدرات إنتاجية متواضعة للغاية.
ويُعدّ توفير إمدادات مستقرة من الكهرباء عاملًا أساسيًا لدعم التنمية الاقتصادية وتحسين مستويات المعيشة.
ووفقًا لأحدث بيانات قطاع الطاقة الموريتاني لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن نحو 45% سكان البلاد ما زالوا محرومين من الإمدادات الكهربائية، ما يعكس حجم التحديات أمام تحقيق الوصول الشامل.
ورغم أن السنوات الأخيرة شهدت دخول محطات جديدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فإن الاعتماد على المحطات الحرارية التي تعمل بالوقود الأحفوري ما يزال مهيمنًا، وهو ما يضع ضغوطًا متزايدة على الشبكة الوطنية ويكشف فجوة واضحة بين الطموحات المعلنة والقدرات القائمة.
كما يواجه قطاع الكهرباء تحديات في مواكبة الطلب المتنامي، لا سيما مع ارتفاع الاستهلاك في مواسم الذروة، وزيادة احتياجات قطاعات التعدين والصناعة.
في المقابل، تمتلك موريتانيا إمكانات هائلة من الموارد المتجددة، إذ تُعدّ من أكثر مناطق العالم استفادة من السطوع الشمسي، فضلًا عن موقعها الساحلي الذي يوفر فرصًا واسعة لاستغلال طاقة الرياح.
ومن هنا تبرز خطط التوسع في الطاقة النظيفة بوصفها ركيزة لتعزيز إنتاج الكهرباء في موريتانيا، وتحقيق أمن الطاقة، وخفض الاعتماد على الوقود المستورد.
مزيج الكهرباء في موريتانيا
يعتمد مزيج الكهرباء في موريتانيا على الوقود الأحفوري (الديزل وزيت الوقود والغاز)، بجانب إسهام متنامٍ من الطاقة الشمسية والرياح، إضافة إلى إنتاج محدود من الطاقة الكهرومائية.
وخلال عام 2022 بلغ إجمالي الإنتاج نحو 1.64 تيراواط/ساعة، منها 1.19 تيراواط/ساعة من الوقود الأحفوري، و0.14 تيراواط/ساعة من الطاقة الشمسية، و0.1 تيراواط/ساعة من الرياح.
وقد مثّل إدخال محطات هجينة تجمع بين الوقود الأحفوري والمتجدّد خطوة مهمة في تقليص الاعتماد الكامل على المحطات الحرارية، خصوصًا في المناطق الداخلية البعيدة عن نواكشوط.
الكهرباء في موريتانيا
القدرة المركبة لإنتاج الكهرباء في موريتانيا
بلغ إجمالي القدرة المركبة لإنتاج الكهرباء في موريتانيا نحو 0.54 غيغاواط عام 2022، موزعة على 0.24 غيغاواط للوقود الأحفوري، و0.18 غيغاواط للغاز، و0.09 غيغاواط للطاقة الشمسية، و0.03 غيغاواط لطاقة الرياح.
وتستهدف الحكومة رفع القدرة المركبة إلى أكثر من 1.2 غيغاواط بحلول 2030، مع اعتماد أكبر على المشروعات المتجددة مثل محطة بولنوار للرياح ومحطات الطاقة الشمسية في نواكشوط وأكجوجت.
كما أُعلنَت خطط لإضافة مشروعات جديدة، من بينها محطة غازية بسعة 230 ميغاواط بالاعتماد على حصة البلاد من حقل تورتو أحميم الكبير المشترك مع السنغال، إلى جانب محطة هجينة أخرى بسعة 60 ميغاواط، ما سيعزز إنتاج الكهرباء في موريتانيا.
حجم الطلب على الكهرباء
بلغ حجم الطلب في موريتانيا 2.02 تيراواط/ساعة، أي أعلى من الإنتاج الفعلي، ما يعكس الفجوة بين المتاح والمطلوب.
ويُتوقع أن يتزايد الطلب بوتيرة متصاعدة مع النمو السكاني وتوسع الأنشطة الاقتصادية، لا سيما في التعدين الذي يعدّ قطاعًا محوريًا في الاقتصاد الوطني.
هذا الواقع يجعل من الضروري تسريع الاستثمار في البنية التحتية للكهرباء وزيادة إسهام القطاع الخاص، خصوصًا بعد قرار الحكومة بخصخصة قطاع توليد الكهرباء بالكامل، إذ ستصبح الشركات الخاصة مسؤولة عن تطوير جميع المحطات الجديدة.
وتشير التقديرات إلى أن أقصى حمل كهربائي في البلاد بلغ نحو 500 ميغاواط في إحدى ذروات الاستهلاك خلال صيف 2024، وهو تقدير مبني على بيانات الشبكة الإجمالية، وليس على قياسات دقيقة موثّقة.
ويعكس هذا المستوى التحديات التي تواجهها الشبكة الوطنية لتلبية الطلب المرتفع، ولا سيما مع محدودية القدرة المركبة المتاحة.
أكبر محطات الكهرباء في موريتانيا
تستعرض منصة الطاقة المتخصصة، في هذا التقرير، بيانات أكبر محطات الكهرباء في موريتانيا، على النحو التالي:
محطة نواذيبو الحرارية: محطة كهرباء عاملة بقدرة لا تقل عن 120 ميغاواط في نواذيبو، وتغطي جانبًا مهمًا من احتياجات البلاد.
محطة بولنوار للرياح: بقدرة 102 ميغاواط على الساحل الأطلسي، وتُعدّ من أكبر مشروعات اقة 15 ميغاواط، مثّلت بداية دخول الطاقة النظيفة إلى الشبكة الوطنية منذ 2013.
محطة كيفة الهجينة: تعتمد على الديزل والطاقة الشمسية بسعة 3.1 ميغاواط، وتلبي احتياجات الولايات الداخلية.
من افتتاح محطة الشيخ زايد للطاقة الشمسية الكهروضوئية في موريتانيا
من افتتاح محطة الشيخ زايد للطاقة الشمسية الكهروضوئية في موريتانيا - الصورة من "الجزيرة"
الغاز رافعة جديدة لقطاع الكهرباء
تشكّل موارد الغاز الطبيعي رافعة أساسية لخطط تعزيز إنتاج الكهرباء في موريتانيا.
فإلى جانب حقل تورتو أحميم باحتياطيات تتجاوز 15 تريليون قدم مكعبة، تبرز حقول أخرى مثل "بير الله" و"باندا" و"تيفيت" التي تُعدّ جزءًا من إستراتيجية أوسع لتوليد الطاقة من الغاز محليًا.
ومن المقرر أن توفر مشروعات مستقلة قيد التطوير 550 ميغاواط للشبكة خلال السنوات المقبلة، بما يسهم في سدّ الفجوة بين العرض والطلب وتحقيق هدف الوصول الشامل للكهرباء بحلول 2030.
الربط الكهربائي الإقليمي
تعمل موريتانيا على تطوير مشروعات ربط كهربائي مع دول الجوار، لا سيما السنغال ومالي، في إطار إستراتيجية لتعزيز أمن الطاقة.
ويُنتظر أن يتيح هذا الربط تبادل الفائض الكهربائي، بما في ذلك الكهرباء المولَّدة من الطاقة الشمسية والرياح، مقابل استيراد الكهرباء في أوقات الذروة أو انخفاض الإنتاج.
ويحظى هذا التوجُّه بدعم البنك الدولي ومؤسسات إقليمية، ويُتوقع أن يرفع من جدوى الاستثمار في إنتاج الكهرباء في موريتانيا، ويعزز مرونة الشبكة الوطنية.
خطوط ربط كهربائي
خطوط ربط كهربائي - الصورة من إندبندنت
آفاق إنتاج الكهرباء في موريتانيا
تستهدف الحكومة رفع حصة الطاقة المتجددة في المزيج الوطني إلى 70% بحلول 2030، بالتوازي مع تطوير موارد الغاز محليًا لدعم إنتاج الكهرباء في موريتانيا.
كما تسعى إلى جعل موريتانيا مركزًا إقليميًا للطاقة في غرب أفريقيا، بدعم من الاستثمارات الدولية وتوسيع مشاركة القطاع الخاص بنسبة تصل إلى 50%.
وتبقى القدرة على تحقيق هذه الأهداف مرهونة بسرعة تنفيذ المشروعات المخطط لها، وتطوير البنية التحتية للنقل والتوزيع، وضمان استقرار الإمدادات لمختلف القطاعات الحيوية.







(3).jpg)
.jpg)
.png)
.png)
.png)
.png)
.png)