لقد تربي الجنرال الأرعن و ترقي في كافة مراحل خدمته العسكرية من خلال تبنيه من طرف أبن عمه الأكبر العقيد أعل ولد محمد فال الذي أحتضن الرجل منذ بداية حياته المهنية وفتح له الباب علي مصراعيه حتى وصل لما هو عليه الآن و ذلك بفضل القوة و النفوذ اللذان كان العقيد أعل ولد محمد فال يتمتع يهما في فترة حكم معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع حيث تولي إدارة الأمن 20 سنة شهدت فيها موريتانيا العديد من التحولات و التغيرات السياسية و الاجتماعية، إن علاقة العقيد بالجنرال لم تكن علاقة مهنية فحسب بل أستطاع أعل ولد محمد فال إقناع معاوية بإسناد أكبر كتيبة أمنية تابعت للقصر الرئاسي للرجل تتولي تأمين الأماكن الحساسة في البلد و قصور المؤتمرات وزيارات الرئيس و الوفود و الفنادق بالإضافة للقصر وبقي الجنرال ذاك الشخص الذي فتحت له آفاق ما كان ليصلها لولا الرعاية الفائقة التي أعطاه إياه أبن عمه الأكبر أعل ولد محمد فال، في 8 من أغسطس 2006 شاءت الأقدار أن غادر ولد الطايع البلاد متجها إلي المملكة العربية السعودية لتقديم واجب العزاء في الملك فهد بن عبد العزيز فقرر رفاقه في السلاح الانقلاب عليه و الإعلان عن مجلس عسكري للعدالة و الديمقراطية أسندت رئاسته للعقيد أعل ولد محمد فال لسببين رئيسيين أولهما التجربة ومدة الخدمة العسكرية و ثانيهما الخبرة و التجربة الكبيرة التي يتوفر عليها بحكم إدارته لأكبر الملفات الأمنية و الإستخباراتية في البلد و العلاقات التي تربطه مع كافة التيارات المناوئة لنظام ولد الطايع كلها أمور سهلت تمرير الانقلاب و قبوله من طرف الطيف السياسي المنقسم بين فرسان التغيير المسجونين بعد محاولاتهم الفاشلة و الإسلاميين القابعين في السجون و الحركات الحقوقية الموجودة في المنفي و المعارضة الداخلية المطالبة بتغيير منهج الحكم في البلد و التناوب السلمي علي السلطة هذا بالإضافة لمجتمع دولي يرغب في تغيير الوضع السياسي في البلد، هذه الأمور مجتمعة جعلت الانقلاب يمر بسرعة و المباركة الوطنية و الدولية تدفع بالانقلابيين لوضع خريطة طريق تسمح بمرحلة انتقالية بموجبها يتولي المجلس العسكري للعدالة و الديمقراطية تسيير البلد وفتح حوار مع كافة الفرقاء السياسيين و إجراء تعديلات طفيفة علي الدستور تتمحور بالأساس حول مواد الخلاف المأمورية الرئاسية و حرية الصحافة ............الخ، هذا بالإضافة لتحبين اللائحة الانتخابية و تشكيل لجنة مستقلة للانتخابات و عدم أهلية أعضاء المجلس و الحكومة للمشاركة في الاستحقاقات المحلية و التشريعية ولا حتي دعم أي مرشح لرئاسة الجمهورية، أحترم العقيد وعوده و التزاماته وواصل مزاولة مهامه التي رسمتها المرحلة وبعد إجراء انتخابات شفافة و نزيهة فاز فيها سيدي ولد الشيخ ولد عبد الله المدعوم من طرف الجنرالات الذين يخططون للإطاحة بالرجل في أقرب مناسبة وقد أستطاع العسكريون إقناع مسعود ولد بلخير عن التحالف الشعبي التقدمي بدعم الرجل في الشوط الثاني ضد تكتل القوي الديمقراطية مقابل امتيازات سوف تتضح فيما بعد رئاسة البرلمان وبعض الحقائب الوزارية المحسوبة علي التحالف مما جعل مسعود ولد بلخير يشكل ميزان قوة ضمن لعبة الجيش الانقلابية، حزم العقيد أعل ولد محمد فال أمتعته ورحل من القصر الرئاسي نهارا جهارا بعد أن سلم مفاتيح القصر لرجل آخر لن يعمر طويلا في قصر كنب له أن يبقي مرتعا للانقلابيين منذ 1978، دخل الجنرال الأرعن علي الخط وبدأ في تدريب كتيبة البرلمانيين ممن ينعمون اليوم بمزايا جرائمهم في حق الشعب الموريتاني و أمرهم بزعزعة الرجل وبعثرت أوراقه و تشتيت أفكاره وحجب الثقة عن حكوماته و هو ما وقع بالفعل حتي لجأ الرجل للاستغناء عن خدمات ثلاث جنرالات يقفون وراء ما يقع لحكمه، فانقضوا عليه و أصدروا بيان رقم واحد ينهي حكم الرجل و يعلن عن تشكيل مجلس أعلي للدولة ومرحلة انتقالية بموجبها يتم تنظيم انتخابات رئاسية، تصرف رفضته أحزاب المعارضة و تشكلت علي أثره الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية و تعطرت بمسيلات الدموع بسبب موجة المسيرات و الاحتجاجات ودخل الاتحاد الإفريقي علي الخط ممثلا في الرئيس الليبي الأسبق العقيد معمر القذافي، ثم السينغال من خلال حوار داكار الذي أتفق فيه الفرقاء السياسيون علي خريطة طريق أنتجت تنظيم انتخابات و تشكيل لجنة وطنية مستقلة للإشراف علي العملية وما أن نجح الأرعن حتي أنقلب علي الاتفاق ورماه عرض الحائط و أعتبره مجرد هذيان من أحزاب هي التي أفسدت موريتانيا، وجد الجنرال في هذه المرحلة العصيبة دعما معتبرا من رجل الأعمال الموريتاني و أبن عمه محمد ولد أحميد ولد بوعماتو وما أن جلس علي كرسي القصر الرمادي حتي سلط عليه سياط مفتشيه الدولة و أتهمته بالتهرب الضريبي و حاولت إفلاسه و إفلاس مؤسساته مما يؤكد أن الرجل يرتبط ارتباطا وثيقا بالانقلابات و أنه يهوي الانقلاب مما قاد الأخير لترك البلد و العيش في منفاه الاختياري بمراكش بالمملكة المغربية رغم عمله الدائم من أجل الموريتانيين و مساعداته القيمة للعديد من مرضي العيون و الأسرة المعدومة و المحرومة في موريتانيا، تجاوز المد العزيزي نحو رجل آخر من رجالات العمل الإنساني و الخير في البلد ورئيس مجموعة أنواكشوط الحضرية أحمد ولد حمزة عندما فشل في إقناعه بالتخلي عن حزب التكتل و التنكر للرئيس أحمد ولد داداه فرفض الأخير فأتهمه باختلاس مبالغ معتبرة من ميزانية المجموعة مما قاد الأخير لدفع المبالغ المصروفة أصلا في نشاطات حكومية وبعض الأنشطة الخيرية الأخرى، اليوم هاهو الرجل يكشف عن مخططات جديدة و محاولات لعب مبتكرة من النعمة من باب تعديل الدستور و حل مجلس الشيوخ و استبداله بمجالس محلية للتنمية دون أن يدرك الموريتانيون أن صراع آخر بوجه آخر مع رجلين آخرين من أبناء عمومته يلقي بظلاله علي المرحلة وهو رئيس مجلس الشيوخ الشيخ محسن ولد الحاج و الشيخ ولد غدة فمنذ الاستحقاقات الماضية للمجالس المحلية وفشل مرشح الرجل ولد درمان في نيل ثقة سكان روصو و رمي الأخير من التشكيلة الحكومية و تعيينه مديرا رمزيا لميناء أنواذيبو المستقل ثم العودة به لشباب الحزب كلها أمور تثبت من جديد أن الجنرال غير راضي عن الشيخ محسن ولا عن رجالاته و أولهم ولد درمان من هنا فإن الضرورة تبيح التخلص من مجلس الشيوخ و التخلص منه يمكن من تعديل الدستور و اللعب علي مشاعر الموريتانيين تابعت بمزيد من التمعن خطاب رئيس الجمعية الوطنية محمد ولد بيليل حيث أختلف اختلافا كبيرا مع خطاب الشيح محمد الحسن ولد الحاج رئيس مجلس الشيوخ خلال افتتاحه للدورة البرلمانية حيث أكتفي بجملة قصيرة تحمل إشارات واضحة أن هناك شيئا ما يدار من حلف الكواليس إلي متي يظل الجنرال يلعب بعقول الموريتانيين.
حمين أمعيبس حقوقي وكاتب صحفي