منذ شهور وأنا أعمل كباحث في مجال الدراسات الإسلامية والصوفية. كنت مهتما بالطريقة القادرية، باعتبارها واحدة من أقدم وأكبر الطرق الصوفية في العالم، وخاصة بالخلافة العامة لها في غرب إفريقيا. كنت أريد أن أعرف من هو الخليفة العام الحالي، وما هي الأسس والمعايير التي تحدد هذا المنصب الشريف.
كانت مهمتي هي جمع وتحليل الوثائق والشهادات والأدلة التي تثبت صلة الخلفاء العامين بتعاليم الشيخ الجليل عبد القادر الجيلاني، مؤسس الطريقة القادرية في القرن الثاني عشر الميلادي. كانت هذه مهمة صعبة ومعقدة، فقد كان علي التنقيب في التاريخ والتراث والسيرة الذاتية للخلفاء العامين وأسلافهم وأتباعهم. كما كان علي مواجهة التحديات والمعوقات التي تعترض عملي، مثل نقص المصادر والمعلومات والتضارب بينها، وكذلك المؤثرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تؤثر على تفسير الحقائق والنصوص.
لقد بدأت بالبحث في المصادر الكتابية والشفوية، والتواصل مع المشايخ والعلماء والمريدين من مختلف البلدان. وجدت أن هناك اختلافات وجدلات حول هوية الخليفة العام، وأن بعض الفروع والمجموعات لديها خلفاء محليين أو إقليميين. لكنني توصلت إلى أن هناك اتفاقا عاما على أن الشيخ عبد العزيز ولد الشيخ آياه ولد الشيخ الطالب بوي، هو الخليفة العام للطريقة القادرية في غرب إفريقيا، لكونه ينحدر من سلسلة نسبية تربطه بالعالم الرباني الشيخ سعد بوه، الذي عزز مكانة الطريقة في المنطقة خلال القرن الثامن عشر
وجدت أن الشيخ عبد العزيز ولد الشيخ آياه هو رجل رصين ومحبوب، وأنه يتمتع بسمعة طيبة ونفوذ كبير في الدوائر الدينية والسياسية والاجتماعية. وأنه يقوم بدور فعال في نشر تعاليم الطريقة القادرية والدفاع عن قيم الإسلام والسلام والتسامح والتضامن. وأنه يشرف على مؤسسات خيرية وتربوية وثقافية تخدم المجتمعات المحلية والإقليمية. وأنه يحظى بمبايعة وولاء واحترام الملايين من المريدين في موريتانيا والسنغال ودول غرب إفريقيا الأخرى
بعد أن أكملت بحثي، قررت أن أنشر نتائجه في كتاب علمي، يحمل عنوان "أحقية الخلافة في الطريقة القادرية في غرب إفريقيا: دراسة تاريخية ووثائقية".
وهكذا، أتمنى أن يكون هذا الكتاب مرجعا هاما للباحثين والمهتمين في هذا المجال، وبخاصة بالدور الذي لعبته الطريقة القادرية في تشكيل الهوية والمجتمع في هذه المنطقة. أسأل الله تعالى أن يوفقني في إكمال هذا العمل العلمي، وأن ينفع به العلم والمسلمين. والحمد لله رب العالمين.
#الباحث_الاجتماعي: الرباني محمد