النعمة الهادئة و المرتمية في أحضان الشرق الموريتاني، النعمة الكرم و الضيافة، النعمة البوابة الشرقية لموريتانيا و نقطة العبور نحو إفريقيا الشمالية، النعمة ذالك المزيج البشري الرائع الذي يعبر عن الصورة الحقيقية لهذا المجتمع المسلم المسالم، النعمة أختارها معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع سنة 1986 حيث أطلق شرارة الديمقراطية منها،منها حرر المرأة من قيود التبعية و أعلن فيها عن محاربة الفساد و الرشوة و القبلية و المحسوبية و الولاء الأعمى، أعتبره الموريتانيون حين إذن خطابا تاريخيا ألتفت حوله الجماهير وخرجت المسيرات المؤيدة له و اعتبرته القوي الحية من الشعب تحولا ملموسا في فتح آفاق جديدة من التعاطي مع المواطن الخارج لتوه من حكم عسكري استثنائي سيطرة فيه ثقافة السجون و المتابعات البوليسية و مخافر التحقيق و الرمي في غياهب المجهول علي كل الأصوات الرافضة لظلم و القهر و الاستبداد، اليوم وبعد 30 سنة مضت علي خطاب النعمة التاريخي شهدت فيها موريتانيا تحولات جهورية أثبتت أن كل الكلمات الرنانة و الشعارات البراقة التي أطلقها العقيد الشاب في تلك الفترة تحولت لمجرد مناورات السياسية فشهدت البلاد في عهده انتكاسات خطيرة تمحورت حول الإرث الإنساني و تصفية الزنوج و مصادرة كل الحركات السياسية المناهضة لحكمه و سياساته من إسلاميين و قوميين عرب، حتى غادر السلطة بعد مؤامرة رفاقه في السلاح عليه، يأتي الجنرال و الانقلابي محمد ولد عبد العزيز و في الثالث من مايو 2016 ليعلن من النعمة حل مجلس الشيوخ و استحداث مجالس محلية للتنمية و فتح حوار مع معارضة غير مرغوب فيها و إعلان القطيعة مع دعاة التفرقة و التطرف من أحزاب و هيئات و منظمات تقف حجر عثرة في وجه أجندة الجنرال الرجعية، ليطرز محتوي خطابه المكسر و الخالي من اللغة الدبلوماسية التي تتطلبها المرحلة بعبارات نابية و منحطة موجهة لمكونة لحراطين أو العبيد السابقين واصفا إياهم بالحيوانات التي تتكاثر دون أية اعتبارات علمية متهما هذه المكونة بكونها هي السبب فيما يقع لها اليوم من ظلم و اضطهاد و استعباد عندما يقول في حديثه أن التزايد الملحوظ في الولادات و الحياة الجنسية العشوائية لهذه الشريحة هي ما جعلت جلهم و غالبيتهم يرتمون في أحضان المخدرات و الجريمة المدبرة التي خلفتها مسلكيات لم تعد صالحة للعصر، وبهذا يكون الجنرال قد شمر عن سواعده و أعلن حربا لا هوادة فيها مع مكونة شاركت وتشارك في بناء مجتمع السلام و التسامح و تدافع عن حقوقها في العيش الكريم رغم المضايقات و المصادرات، الجنرال لم يكن موفقا عندما ظن أن عبيد المخزن و أصحاب الأمعاء المتصارعة قادرين علي تمرير أجندته المكشوفة فلا يوجد أي سجين سياسي ولا أي سجين رأي تلك جملة رددها الجنرال دون أن يقتنع بها لأنه يدرك أن سجنه المركزي و سجنه الفرعي يضم سجنين سياسيين و سجين رأي لكن من أستطاع مغالطة نفسه يستطيع الكذب و التلاعب علي مشاعر الموريتانيين خصوصا أنه قال في أكثر من جملة ستقول المعارضة الفاشلة أني جمعت أهل أوزيرات و النعمة و أطار وفصالة من أجل إنجاح المهرجان وهذا لعمري أمر لا يختلف عليه اثنان ممن نور الله قلوبهم فكل دعاة الرجعية و المنافقين و سماسرة الضمائر وبائعات الهوى و الخنثويين و عهرت القصر الرمادي يرتمون في أحضان مشروعك الرجعي الذي دبرته كما دبرت التنقيب عن الذهب و الماس و غيرها من القضايا التي ستكون عنوانا بارزا لمرحلة ما بعد الاستفتاء علي الدستور.
قد يشهد التاريخ يوما علي فعلتك و فعل الدعائم و القادة الروحيين لبعض الأحزاب السياسية الذين استخدمتهم من أجل تمرير أجندتك الواضحة للعيان من تحالف شعبي ووئام وحركة تجديد و أحزاب منشقة من اتحاد القوي الديمقراطية و المستقبل ، إن دعوتك للحوار مقبولة من طرف البعض وخصوصا أحزاب المعاهدة الذين تدار معهم الصفقة من خلف الكواليس أما الموريتانيون التقدميون الأحرار المؤمنين بأن القيد سينكسر سوف يقفون بالمرصاد لهذه المؤامرة البائسة و الفاشلة و التي إن دلت علي شيء فإنما تدل علي أننا نتجه نحو المجهول، نتجه حيث أخفقت الأنظمة الإفريقية الفاشلة في إقناع شعوبها بتعديلات و وهمية في دساتيرها إما من أجل زيادة المأمورية الرئاسية أو من أجل إعطاء صلاحيات أكثر للرئيس أو توريث السلطة لقد أثبتت التجارب الماضية في السينغال و بركنا فاسو و العديد من الدول الأخرى أن إرادة الشعوب لا تقهر و أن ما تحاولون تسطيره الآن مع فقهاء الدستور فقهاء التآمر هي مجرد حروف بقلم من رصاص سوف تجهض بممحاة الإرادة الجماهيرية الكادحة و الرافضة للعودة للمربع الأول.
بقلم : حمين سيدي أمعيبس/حقوقي كاتب صحفي