لا ينبغي أن نتدخل في الخصوصيات ولا ما يمس الديمقراطية واحترام الآراء , ولا نريد كذلك أن يتغاضى أحد عن الدور التنويري الذي يلعبه كل ممتهني السياسة في موريتانيا بمختلف توجهاتهم ومشاربهم العقدية ونوازعهم ودوافعهم من امتهان الشأن العام , إذ الكل له دوره في البناء السياسي الوطني سواء كان ذلك الدور قيمة مضافة أو رتقا في جدار المنظومة الثقافية والسياسية الوطنية.
لكن الذي نلاحظه من سلوك المعارضة الموريتانية المتشكلة في السنوات الأخيرة من خطابات ورسائل وبرامج جعلنا ننبه إلى كونه لا يخدم بالمطلق ثقافة شيوع المسؤولية في الوسط السياسي بل يؤسس لمبدأ :الشهرة ولو بالكذب, رغم أن هذه الشهرة ذات مآلات سيئة أقلها شأنا تحرر الذاكرة الجمعية والوطنية من ثقل تذكر أصحابها لما غاب فيهم من الثقل والوزن المعتبر الذي يحفر أما كن في الذهن لا يمكن أن تنسى , إذ الحق قوي الصولة باق ما مرت القرون , والكذب مهما كانت فقعات طلقاته مآله الذبول والضمور ف((إذا كان الكذب أنجى فالحق أنجى وأنجى)) و"الكذب منفوش والحك متروش" !
وقد رسمت هذه المعارضة لنفسها مسارا دعائيا جعلها رمزا للتندر والسخرية من طرف المواطن الموريتاني الذي أنصت إليها : في موسم تروج لتسجيلات "أكرا"! وموسم ءاخر لبيع الرئيس للمخدرات! وموسم ءاخر لقرب رحيله وثورة الشعب عليه! وءاخر لتعطله عن الحركة بسبب حادثة "اطويلة"! وموسم لترويج قرب مشاركة الجيش في حرب مالي بالوكالة! وءاخر لملكيته للمعدات الثقيلة! وءاخر لبيع "اسنيم"! و آخر لبيع "تازيازت"! وموسم لتصديره للحمير! وموسم لتربحه من القطع الأرضية وموسم لنعته لإحدى شرائحنا بما لا يليق و....!!!, وكلها تذبل وتتهاوى في طي النسيان حتى من طرف صانعيها الذين هم أول من ينشغل عنها في صنع شائعة أخرى لا تلبث أن تلحق بسلة البهتان التي بدأت تضيق عن المزيد من نفايات الخواء السياسي المعشش في أذهان هؤلاء الهواة الذين عجزوا عن التحرك عن المكان الذي انطلقت منه السياسة في بلادنا فلا مجال عندهم للمراجعات الفكرية والميل إلى المصلحة المتجددة بتجدد حاجيات الوطن والمواطن فكل تطور في اتجاه الحداثة والحقيقة يصموه بالردة والانبطاح و...,
أما الشعب فقد استصغروا شأنه منذ الوهلة الأولى حيث تعودوا بحكم قدمهم في المشهد على ترويض الناس على ما يريدون بكل الطرق والوسائل ولا زالوا كذلك وإلا لما تمثلوا دور المهرج تارة والمنجم تارة أخرى وهم مع ذلك سدنة "فكر وسياسة" لا يرضون بالبعد عن السلطة حتى ولو حيدهم الناخب إلى مكان الفرجة والانتظار فالانتظار عسير والتفرج على غير المتعوِّد لا يحتمل من الذي ظل إلى وقت قريب يتحكم في مال الشعب يلعب به أطفاله وحواشيه وقيناته !!.
لا شك أن معارضتنا تعكف هذه الأيام على حبك شائعة جديدة تفتقد الشاعرية وكسر أفق الانتظار من قاموس الإفك الذي يتقنون أبوابه وفصوله, لكن مهما جندوا لذلك من الوسائل والأموال فإنه سوف يمر من نفس القنوات : فقعات وقيل وقال ونسيان ونقص في المصداقية يتطلب المزيد من التكتل والتقوقع لحماية بقية المغرر بهم, إذ أن حراك حزب واحد بطريقة منفردة أصبح مغامرة سخيفة أمام نظام سخر كل طاقات الدولة للبناء والتشييد بعيدا عن الشوشرة والمزايدات .
سيداتي ولد سيد الخير