شهادة سليمان داداه أمام المحكمة بخصوص "تهديد" عزيز له

ثلاثاء, 09/05/2023 - 07:44

 أدلى رجل الأعمال سليمان داداه (مولود مارس 1979 في نواكشوط) بشهادته أمام المحكمة المختصة في جرائم الفساد، وذلك خلال جلستها الصباحية في اليوم السادس عشر ضمن الأيام التي عرفت انعقاد جلسات المحكمة.

فيما خصصت المحكمة جلستها المسائية لاستئناف الاستماع للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، حول التهم الموجهة له، وخصوصا تهمة "تبديد مملكات الدولة العقارية والنقدية".

ولد داداه أدى اليمين القانونية بأمر من رئيس المحكمة القاضي عمار ولد محمد الأمين، ليخاطبه القاضي بعد ذلك أن المحكمة استدعته حول واقعة في وثائق الملف تتعلق بشركة أجنبية تدعى "كال باتيرو"، وصفقة تتعلق بنقل الكهرباء بالجهد العالي بين نواكشوط ونواذيبو.

وأضاف: "المحكمة تريد أن تسمع منكم ما لديكم عن هذه الشركة، وما ورد في الملف عن تهديدات تعرضتم لها من طرف الرئيس السابق؟"

 

مسار خلاف طويل

رجل الأعمال سليمان ولد داداه بدأ الجواب على سؤال رئيس المحكمة بقوله إن موريتانيا استفادت في العام 2011 من قرض من الصندوق السعودي للاستثمار بهدف تمويل خط الجهد العالي للكهربائي بين نواكشوط ونواذيبو.

وأضاف أنه في العام 2013 أصدت الشركة الموريتانية للكهرباء "صوملك" إعلان إبداء رغبة حول هذه الصفقة، وتقدمت له عدة شركات عالمية. "نحن كشركة خدمات نعمل في مجال الطاقة قمنا باتصالات، ولأن التمويل سعودي، والأولوية فيه للشركات السعودية، بحثنا عن شركة سعودية حتى وجدناها، واعتبارا للمعايير الفنية للصفقة وجدنا شركات هندية، وأقمنا تجمعا بين الشركة الهندية والشركة السعودية، وقدمنا الملف نهاية سبتمبر 2013.

وواصل رجل الأعمال الشاب سرد التفاصيل، مردفا أنه في 2014 أرسلت لهم شركة "صوملك" ملف المناقصة، "وتم إرساء الصفقة علينا لأننا قدمنا السعر الأرخص، والعرض الفني المقبول".

وحدد ولد داداه مهمة الشركة السعودية - ضمن التجمع - في العلاقة بالممولين، وكانت تتولى رئاسة التجمع، فيما كانت مهمة الشركة الهندية تنفيذ المشروع لامتلاكها القدرة الفنية، وكان هو ممثلا تجاريا للتجمع في موريتانيا، وفق اتفاق معروف ومحدد.

في 2016 قدمت الشركة الهندية ضمانا بقيمة 10% من مبلغ الصفقة، وهو 14.5 مليون دولار.

وقد بدأت بعد ذلك خلافات بين الطرفين السعودي والهندي، حيث حاول الطرف السعودي - يقول ولد داداه - إعادة التفاوض حول النسب، وبحث عن شركة بديلة، وتفاوض في هذا المضمار مع شركتين إحداهما أسبانية، والأخرى مغربية.

كما حاولت شركة "صوملك" التفاوض مع الشركة التي حلت ثانيا في المناقصة، لكن الممول السعودي رفضها.

في النهاية قررت شركة "صوملك" فسخ العقد وإلغاء الصفقة، وسحب الضمان الذي أودعته الشركة الهندية لدى فرع البنك الوطني لقطر في نواكشوط.

تقدمت الشركة الهندية بشكوى لدى المحاكم لوقف قرار سحب ضمانها، وتم توقيفه بقرار استعجالي من القضاء، لكن البنك القطري سلمه دون اعتبار لقرار القضاء.

وبحكم مهمتي، في المسؤولية عن علاقات التجمع في موريتانيا، وتسهيل مهامه مع المسؤولين باشرت الاتصالات حول الموضوع.

رئيس المحكمة: ما هي ظروف فسخ العقد؟

ولد داده: عندما فازت الشركة حصلت ظروف جديدة، وخلافات داخل التجمع، حيث حاول الطرف السعودي إعادة التفاوض حول النسب، وبدأ البحث عن شركات بديلة.

رئيس المحكمة: هل الطرف السعودي هو من دفع الضمان؟

ولد داداه: كل الموجود على الأرض كانت الشركة الهندية مصدره، بما في ذلك الضمان، والدراسة، والوجود الميداني، وهي من كانت تتواصل مع شركة "صوملك" لأنها من سيتولى التنفيذ.

في هذه المرحلة قامت شركة "كال باتيرو" بالاتصال بمكتب محاماة دولي يسمى "اكلايد"، وذلك من أجل مباشرة إجراءات التحكيم، حيث وفر لهم المكتب المحامي الموريتاني جمال ولد محمد.

حينها كان هذا المحامي يتولى الدفاع عن الرئاسة الموريتانية لدى المحاكم الفرنسية، كما كان يتابع بعض ملفات وزارة الطاقة في التحكيم الدولي.

وصل جمال إلى موريتانيا، وباشر مساعيه لتسوية الموضوع، حيث كللت بالنجاح، وتمت الاتفاق على تسوية المشكل، عبر سحب الشكوى، وإعادة الضمان البنكي، مقابل التعهد بالبحث عن تمويل بديل.

جدير بالذكر هنا أن الشركة عبرت كتابة - باقتراح مني، وقبل الاتصال بالمحامي جمال – عن استعدادها للبحث عن تمويل جديد.

رئيس المحكمة: قلتم – وفق ما ورد في وثائق الملف – إنه تم منعكم من حضور اجتماعات الشركة، ما هي تفاصيل ذلك؟

ولد داداه: نحن شركة خدمات، كنا نوفر للشركة الهندية كل ما تحتاجه عن موريتانيا أو فيها. كان الهنود يقيمون في فندق "أزولاي"، وكانت علاقتي بهم يومية. وقد لاحظت فتورا في العلاقة حيث لم تعد اتصالاتهم بي كما كانت.

وقد علمت أن لديهم موعدا مع شركة "صوملك" لتوقيع اتفاق جديد، فقررت الحضور، وعندما وصلت طلبوا مني المغادرة، وقال لي المدير التجاري للشركة الهندية إنه لا يمكنني الحضور معهم، وإن لديهم تعليمات بذلك، وأمرني بالمغادرة حتى لا أفسد عليهم الاتفاق.

سألته عن مصدر هذه التعليمات، فوعدني بتقديم الإجابة لاحقا. بدأت أشك في ذلك، خصوصا وأن جميع الخدمات كانت تتم من خلال شركتنا، وكنت أؤجر لهم سيارات من شركة تسمى "إيمان تور"، وقد اتصلت بمالكها وطلبت منه أن يسأل السائقين عن الأماكن المستجدة في برنامج الهنود.

أخبرني أنهم يترددون على منزل قرب "بوتيك كسكس"، وفندق أتلانتيك، في مقاطعة تفرغ زينة، وقد تبين لي لاحقا بعد التقصي أنه منزل محمد ولد امصبوع وأسماء بنت عبد العزيز.

وقد استدعاني الهنود لاحقا في الفندق، وشرحوا لي أن من شروط الاتفاق الجديد إلغاء أي اتفاق لهم مع أي شريك محلي.

رئيس المحكمة: قلت في تصريحك في الملف إنك تلقيت تهديدا من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، ما هي تفاصيل هذا التهديد؟

ولد داداه: عندما دخلت الملف سنة 2013 كان معي شريك يدعى "يرغ ولد آميده"، وكنت مسؤولا عن العلاقات مع الشركاء الأجانب، وكان هو مسؤولا عن العلاقات مع الإدارة المحلية، حيث كانت لديه علاقة جيدة مع مدير "صوملك"، ومع رئيس مجلس الشيوخ.

في الفترة التي تمت فيها مصادرة الضمان، قمنا بالعديد من الاتصالات واللقاءات، مع مدير "صوملك"، ومع رئيس مجلس الشيوخ، وأخذ لنا الأخير موعدا مع وزير البترول والطاقة والمعادن حينها [محمد ولد عبد الفتاح].

بعد الاتفاق الجديد، كتبنا رسالة لشركة "كال باتيرو" الهندية، تتضمن إنذارا لإخلالها بالاتفاق معنا، وأرسلناها مع عدل منفذ، ولكن الشركة رفضت استلامها منه، أعد العدل المنفذ محضرا بالواقعة، وفي اليوم الموالي أرسلت المحضر مع الرسالة للشركة عبر البريد السريع والمضمون (DHL).

في نفس الليلة اتصل علي رئيس مجلس الشيوخ [محسن ولد الحاج]، وذلك لأن شريكي "يرغ" كان خارج البلاد، وخاطبني بالحسانية قائلا: "انتوم ذا الل عدلت للهنود شنهو؟"، سألته: ماذا حدث؟ قال يقولون إنكم أرسلتم لهم الشرطة لابتزازهم.

شرحت له ما حدث بتفاصيله، ودعاني لزيارته في مكتبه في الغد، وعندما زرته خاطبني قائلا: "يبلغك الرئيس ولد عبد العزيز أن عليك ترك الهنود وشأنهم أو سيسجنك".

 

وقد ذكرت هذا في المحاضر التي وقعتها وأتمسك بما فيها.

أسئلة النيابة والمحامين

وعرفت الجلسة طرح العديد من الأسئلة على الشاهد ولد داداه، من طرف النيابة العامة، وكذا دفاع المتهمين، إضافة لدفاع الطرف المدني "الدولة".

ودارت جل الأسئلة حول طبيعة التهديد الذي تعرض له من طرف الرئيس السابق، والتشكيك فيه من طرف الدفاع، فيما اتهمته المحامية اللبنانية ساندريلا مرهج بالكذب، ليتدخل رئيس المحكمة ويرغمها على سحب الكلمة، وهو ما استجابت له بعد تمنع، حيث هددها بمباشرة الإجراءات القانونية.

كما تدخل رئيس المحكمة مرة أخرى، عندما سأل المحامي محمد ولد اشدو رجل الأعمال ولد داداه إن كان يرى أن زجه بالسائقين في متابعة شركائه السابقين كان أسلوبا أخلاقيا، حيث طلب القاضي من المحامي سحب السؤال، معتبرا أنه يشكل اتهاما للشاهد في أخلاقه.

كما قرأ محامي المدير السابق لشركة "صوملك" محمد سالم ولد إبراهيم فال المقلب "المرخي" الحسن المختار رسالة من مدير المحروقات بوزارة البترول والمعادن – حينها - الداه ولد سيدي بونه يأمر فيها مدير صوملك – بأمر من الوزير محمد ولد عبد الفتاح - بالتفاوض مع شركة "كال باتيرو"، كما أكد المحامي أن طرفي الاتفاق في الوثيقة هما الوزارة والشركة الهندية وليست شركة "صوملك".

ورد الشاهد على المحامي بأن الاتفاق في فقرته الثانية ينص على أنه تم في مقر شركة "صوملك"، وليس في مكاتب الوزارة،  كما أن شركة "صوملك" هي المستفيدة، لافتا إلى أنه لم يذكر – في شهادته وإجاباته - الوزير السابق ولد عبد الفتاح، ولا رئيس مجلس الشيوخ محسن ولد الحاج بالاسم، وإنما المحامين هم من ذكروهم.

 

حركية في فقص الاتهام

وعرف فقص الاتهما حركية غير اعتيادية خلال شهادة ولد داداه، حيث تبادل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الأحاديث – همسا - مع المدير السابق لشركة "صوملك"، محمد سالم ولد إبراهيم الملقب "المرخي" وصهره محمد ولد امصبوع، وكان يستدعي كل واحد منهما لوقت قبل أن يستدعي الآخر.

كما رصد موفد الأخبار إلى قاعة المحكمة تبادله لعدد من الوثائق معهما، كما تبادل المتهمون وثائق مع محاميهم، وبعضها جلبه المحامون من خارج المحكمة.

كما تبادل مدير "صوملك" الحديث – خلال الشهادة – مع ولد امصبوع.

وكانت الحركية داخل قفص الاتهام خلال الجلسة الصباحية غير مسبوقة خلال الأيام الخمسة عشر السابقة من جلسات المحكمة التي بدأت يوم 25 يناير الماضي.