سنتان من حكم ولد الشيخ الغزواني.. الحصيلة والآفاق… (الحلقة الثانية)

اثنين, 02/08/2021 - 14:41

أما الحكومة التي تدير حاليا الشأن العام، فإنها ظلت منذ الوهلة الأولى رهينة للحالات الاستثنائية التي فرضتها عليها ملفات محاكمة العشرية وكورونا ومواجهة المديونية الخارجية وتصنيف موريتانيا في مجال حقوق الإنسان، ولم تستطع أن تنهض بسرعة بسبب بيروقراطية الإدارة الموروثة، وتقليد النمط السائد منذ عقود من الحكامة، وهي تسابق الزمن وحدها كي تحقق أكثر ما يمكن من الإنجازات المعلن عنها في برنامج تعهداتي بدون إعلام مواكب، فهي أشبه بفريق كرة قدم يلعب في الظلام كيف لجمهوره أن يراه؟

وإذا كان هناك خلل واضح فهو في تفاضل مستويات الوزراء من حيث الكفاءة والوعي بالمسؤولية وانعدام انسجام وتيرة العمل الحكومي، فبينما تقدم بعض الوزراء في برامجهم ومشاريعهم ما يزال بعضهم يتلكأ، في ظل انعدام استيراتيجية إعلامية ناظمة للعمل الحكومي، ومؤطرة لأداء الوزراء، فمن غير المعتاد -كما هو الواقع حاليا- أن تكون فئات عريضة من الشعب ما تزال حتى اليوم تجهل أسماء وزراء كثر من حكومتهم رغم مضي سنتين على توزيرهم…!!!

ورغم أن الحكومة حققت أشياء كبيرة فإنها عجزت عن مواجهة المعضل الأول الذي داهمها في عز مجابهة كورونا ألا وهو معضل الارتفاع الكبير والمذهل للأسعار، فالوزارات المعنية بالاقتصاد والمالية والتجارة تدار الآن من قبل فنيين وشركاء تحالفات سياسية واقتصادية لا يعرفون ابتداع الحلول غير المألوفة التي تحتاج إلى مراجعة عميقة للأنظمة المالية والضريبية والاقتصادية للدولة لا يقوم بها عادة إلا من لديهم القدرة على الإبداع والتنظير والاستشراف..

وفي ظل تفاقم الأسعار وتردي الحالة المعيشية تتسع باطراد الفجوة بين الأولويات التي كانت لدى المواطنين في 2019 التي بني عليها برنامج تعهداتي وبين الأولويات التي أصبحت لديهم اليوم، ويقع عبء تصحيح. مسار تدخل الحكومة وعملها عليها طبعا، ولكن أيضا وبصورة أشد على رئيس الجمهورية الذي هو مصدر تكليفها… فالحكومة الآن بغض النظر عما تقوم به من إنجازات ليست في أفضل صورها لدى الرأي العام..

وهذا فيه بلا شك نشاز مع الصورة التي يظهر بها رويدا رويدا رئيس الجمهورية الذي تواطأ لي الذين التقوه وهم كثر من سياسيين وديبلوماسيين وإعلاميين ورجال أعمال على أنهم لمسوا لديه قدرة واسعة على الفهم والاستيعاب ورؤية ثاقبة في مجال التحليل والاستنباط، وسعيا دؤوبا من أجل التخطيط والإنجاز، دون أن يتجسد حتى الآن على أرض الواقع ما يعبر بصورة تامة عن هذه المزايا مما يشي بأن الرئيس لم يكشف بعد عن كل طاقاته، ولم يقل بعد كلمته الفصل في مجال الحكم، ولعله من ذلك النوع الذي يسير ببطء كي يصل بسرعة، وإن كان عليه ألا يغفل عن إدخال عامل الزمن في أجندته فمأموريته بصورة عملية لم يبق منها إلا سنة واحدة إذ السنتان الأخيرتان منها سنتا انتخابات، وفشل أو نجاح مأموريته النهائي سيكون مرهونا بهذه السنة التي تبدأ بعد غد الأحد.. فأي آفاق يمكن لسنته هذه أن تحمل؟

منطق الأشياء يقول بأنه علينا أن نتوقع منه ثورة واسعة في مجال ممارسة الحكم والسلطة تعد بمثابة إطلاق جمهورية جديدة، لأن ما سوى ذلك سيجبره على الارتماء في أحضان الماضي الذي يسعى برفق للتخلص منه …

يتواصل