تعتبر المنظمات النقابية كما هو معروف إحدى أطراف الإنتاج الثلاثة ( الدولة وأرباب العمل والعمال ).
كما تعتبر النقابات أيضا هي الطليعة النضالية التي تهدف إلى الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للعمال ، كما تهدف إلى خلق الرفاه للجميع وتحسين ظروف المواطنين على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي وخلق مناخ ملائم للعيش الكريم .
ضف إلى ذالك بأن وجود التنظيم النقابي هو أن يجد العمال هيئات قانونية يمكنهم من خلالها أن يطرحوا جميع المشاكل التي يتلقونها داخل أماكن عملهم.
إلا أن جل التنظيمات النقابية الوطنية لا تتماشى مع الأدوار والأهداف المحددة لها اصلا . اذا لم تعد مهمتها تتلخص في الدفاع عن حقوق العمال المادية والمعنوية والدليل على ذلك هو أن بعض هذه المركزيات النقابية غالبا ما تنحاز لأرباب العمل على حساب العمال.
فالمركزيات النقابية الجادة هي التي تنحاز إلى العمال في مواجهة الحكومة وأرباب العمل.
ففي السنوات الأخيرة وفي العشرية المنصرمة للنظام السابق عرفت التنظيمات النقابية بعض الانتهاكات الكبيرة والسافرة في مجال حقوق العمال وممثلياتهم النقابية منها عدم تطبيق النصوص المعمول بها في البلد وعدم السهر على تطبيقها من طرف الحكومة وخنق في الحريات النقابية وإستهداف النقابيين أصحاب المواقف والنضالات والدفاع عن حقوق العمال والمهمشين وكذالك منع العمال من طرف بعض المؤسسات في الإنتماء للمركزيات النقابية والتدخل في إختيار العمال أنفسهم لمن يمثلهم في الأقسام النقابية وفي إختيار مناديبهم وعدم المفاوضات المفتوحة مع ممثلي العمال ومع المركزيات النقابية ؛ وكان ذالك مما أثر على العمال بشكل كبير نتيجة ظهور الممارسات التعسفية وخنق الحريات النقابية ومنعهم من حق التنظيم والمفاوضة الجماعية حيث تم تعليق القانون المنظم لإنتخاب مناديب العمال وذالك من خلال مذكرة إدارية من مدير الشغل الشيء الذي يشكل خرقا سافرا للحريات النقابية وحرمان العمال من الآلية القانونية للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية نتيجة لتجميد مقتضيات القانون طلية الخمس سنوات الماضية ، وهذا مخالف للمادة 118 من مدونة الشغل .
الكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا CLTM كانت أكثر المنظمات تعرضا للممارسات التعسفية و الصعوبات والأزمات من طرف النظام وحكومته أنذاك وتم إستهدافها بشكل مباشر والتضييق عليها ومحصارتها من كل الإمتيازات والحقوق الأساسية التي لها الحق فيها من تمويل وتشاور وما إلى ذلك حتى وصل الأمر إلى محاصرة أمينها العام وتوقيفه جبريا عاما كاملا بسبب مواقفه الراديكالية والمنحازة دائما إلى الوسط العمالي؛ هذا ما يؤكد لنا بأن الحقوق تنتهك بشكل واضح وكأن الإتفاقيات الدولية والنصوص والمواثيق التي كانت الحكومة الموريتانية قد صادقت عليها وتعتبر جزءا منها بقيت حبرا على ورق مضروب بها عرض الحائط.
النظام في تلك الفترة اعتبر أن هذه المركزيات النقابية عميلة للجهات الخارجية وتتلقى منها الدعم المادي والمعنوي وبالتالي تخلت عن دورها المنوط بها والمنشأ لها أصلا وبالتالي وضع بعض قيادات هذه المركزيات النقابية تحت الرقابة القضائية مدة سنة فيما ترى بعض الجهات ذي صلة بالمجال العمالي والنقابي بأن العمل النقابي بشكل عام يعاني من عدة مشاكل.
منها ماهو متعلق بالنقابات نفسها وهو ضعف تكوينها للعمال وتأطيرهم من جهة والعمال كذالك من شدة ضعف التكوين والتأطير صاروا لا يعرفون مالهم وماعليهم إتجاه المركزيات النقابية المنتمون إليها ويتجلى ذالك في عدم دفع الإشتراكات المالية إتجاه النقابة والمشكلة الأخرى هي أن الحكومة تقوم بتسييس العمل النقابي وجعله تحت مظلتها والسعي دائما والوقوف دونه حتى لا يؤدي مهمته المنوطة به المتمثلة في الدفاع عن حقوق العمال المادية والمعنوية والعمل على تطبيق نظم الشغل ومعايير العمل ، والجديد هذه الأيام في موريتانيا هو قرار الحكومة الموريتانية في رفع تلك القيود التي فرضت في العشرية الماضية للنظام السابق والعمل على تنظيم إنتخابات إجتماعية لتحديد النقابات الأكثر تمثيل بعد ما لوحظ تفشي في عدد المنظمات النقابية الصفراء المشوشة على دور النقابات الفاعلة والمهنية ، وتلك خطوة مهمة وتحسب لهذا النظام الجديد الذي أبدى إستعداده لطي صفحة الماضي
هنا أود أن أشير إلى أن لدي اقتراحات إذا أخذت بعين الاعتبار فستحد من المعوقات الحادة التي تعيق العمل النقابي بشكل أو بآخر ومن تلك الإقتراحات التي أرى بأنها قد تساعد في حلحلة بعض الإشكالات المطروحة حتى تتمكن النقابات من التغلب على هذه التحديات والإنتهاكات والخروقات ؛
– أولا إهتمام السلطات المحلية بمتابعة وفرض النصوص المعمول بها في مجال العلاقات الاجتماعية والمهنية بين العامل ورب العمل
– ترك الحرية المطلقة للعمال من أجل حسم إختياراتهم لمن يمثلهم من بينهم وفي إختيار المركزية النقابية التي يختارون الانتماء إليها…..
وكما أن للعمال الحق في الإضراب والعمل بمقتضيات الإتفاقيتن السابعة والثمانون والثامنة والتسعون من الإتفاقيات الثمانية المنظمة لمنظمة العمل......
بقلم: حدمين ولد اعمر فال