هذه الصيغة, أو الخاصية تضفي طابعا مميزا لهؤلاء الأقوام, أو هذا المجتمع لتمييزه عن غيره من المجتمعات الأخرى, وقد تربطه بمجتمعات أخرى قد لاشترك معه في وطن ولا في إقليم .
هذا النوع من الهويات ,هو ما يعرف : بالهوية المشتركة التي يجتمع في صفاتها عدة مجتمعات متفرقة.
وترتكز هذه الهوية على أعمدة ودعائم مشتركة لابد من توافرها ,ومنها :
1: اللغة الواحدة (المشتركة)
ا: لغة فصحى
ب: لهجة عالمية متداولة
2: العادات والتقاليد المشتركة
ا: عادات السكن
ب: عادات اللبس
ج: عادات الأكل والشرب
د: عادات الزواج والطلاق
ه : عادات دفن الموتى
3: التاريخ الواحد
4: المصير المشترك
هذه الركائز أو الدعائم يعتبر الدين هو الخيط الناظم لها والمرآة العاكسة لقوتها ونجاعتها , وتتقوى أكثر إذا توحد المذهب في الدين .
هذه المفاتيح , أو الإضاءات نتتبع من خلالها مسار الهجرات التي خرجت من جزيرة العرب واليمن وبلاد الشام , وذالك من أجل فتح نافذة على هوية أقوام هاجروا من هذه البلاد في فترات متفاوتة عبر الزمن.
فقد نقلت كتب التاريخ أن هذه الهجرات التي خرجت من هذه البلاد تتكون من جماعات من أصول عربية مختلفة البشرة.
فهجرة الشام أصحابها لهم بشرة فاتحة تختلف عن هجرة الجزيرة واليمن حيث الجو حار والسكان بشرتهم سمراء داكنة أحيانا وفاتحة أحيانا أخرى ,فقد ذكر المفكر الليبي الدكتور علي فهمي خشيم صاحب "كتاب الهجرات الجغرافية وصاحب كتاب عروبة البربر " ذكر أن هذه الهجرات التي ذهبت إلى شمال إفريقيا تتكون من عرب بيض , وبنو عمومتهم من البشرة السمراء , ويرجع ذالك إلى اختلاف متبع الهجرة والطقس السائد فيها و ليس راجعا إلى اختلاف في الأصل ولا النسب .
وقد أوردت السيرة الهلالية المتأخرة عن سابقيها من كتب التاريخ التي اهتمت بهذا النوع من المواضيع , أن الهجرة اليمنية خرجت من باب المندب عبر البحر الأحمر متجهة إلى القرن الإفريقي وبلاد أريتيريا وهضبة الحبشة , وبلاد النوبة و صعيد مصر وشمال السودان الحالي متجهة صوب بحيرة اتشاد لتعبر إلى شمال إفريقيا بما فيها <بلاد موريتانيا الحالية>.
علما أن هذه الهجرات لم تصل كاملة إلى المطاف الأخير فكل من منطقة تمر بها تترك آثارا ملموسة تتمثل في أقوام بذواتهم وهذا يدل على وجود العنصر العربي في كل من أ ريتيريا , جيبوتي , وتشاد وغيرهم وهم عرب سمر البشرة.
ويجمع المؤرخون أن التقسيم الفئوي المعروف عند المجتمع الموريتاني الحالي , وتشكلت منه الطبقات , وهو تقسيم مبتدع دعت إليه الضرورة , حيث اللحظات الأولى من تشكيل الدولة المرابطين في موريتانيا .
وقد أفرز هذا التقسيم حملة السيف, أصحاب القلم , وأصحاب المهن الزراعية والرعوية والفنانون والصناع وغير ذالك من الفئات الأخرى .
وقد بقيت كل فئة تزاول مهنتها التي امتهنتها بحرفية عالية , ولم تكن في ذالك مطعنة ولا مذمة , ولا يستغنى عن الدور الذي تقوم به هذه الفئة أو تلك .
وهنا نؤكد حقيقتين ثابتتين في التاريخ وفي عمود الأنساب ,وهما :
أولا : أن العرب الموريتانيين بيضا كانوا أو سمرا هم من أصول عربية واحدة لا مطعن فيها ولا تشكيك إلا عند الجهلة من الناس , أو أصحاب النوايا المنحرفة , التي لاترتاح ولا ترضى بوجود تلاحم وانسجام وتناظم بين الفئة الواحدة من المجتمع الواحد , وهي فئة : العرب ( سواء كانوا سمرا أو بيضا ).
ثانيا : ننبه إلى أن التقسيم الفئوي في المجتمع الموريتاني , لا يجعل الفئة منغلقة , فيمكن وببساطة وهذا مشاهد قدما , الانتقال من فئة معينة تصاعديا ولانضمام إلى الأعلى من منظور المجتمع , فكل مواطن بمقدوره أن يحسن من حاله ماديا وعلميا ويلتحق بالفئة الأعلى .
هذا يستنتج منه أيضا أن هذا التقسيم ليس على أساس عرف ولا نسب.
ملاحظة هامة: العبودية في موريتانيا , ممارسة وليست عرقية ولا سلالية , بل هي ثقافة مكتسبة عند البعض ضد البعض , ومن تجرد من هذه الثقافة و ثار ضدها , وخرج من أسلوبها وسلوكها وعاداتها وتقاليدها الطارئة على المجتمع , يخرج منها خروج الشعرة من العجينة.
رئيس رابطة نهضة آدوابه:
-يعقوب ولد مكين