منذ سنوات عديدة و نحن ندق ناقوس خطر التمييز العنصري الممنهج الذي تعيشه المدارس العمومية التي لم يعد يرتادها سوى أبناء لحراطين . مع أن مسؤولي الوزارة الوصية و الإدارة الإقليمية كلهم من الفئات الأخري الغير معنية بإصلاح التعليم ! لم ينتبه أحد إلي الخطر بل أن المنظرين تجاهلوه ... و نندو بنا بدل الإنتباه للخلل!
لقد أصبح من الطبيعي بالنسبة للجميع أن أبناء البيظان هم من يرتادون مجمع المدارس (الحرة) أما دخوماديا و مختار كلي و الشيخ موسى و غيرها فلأبناء الزنوج ... حتي أن المدارس الحرة أصبحت قبلية بإمتياز مثل العيادات الصحية و البنوك . أما أبناء لحراطين (الأقل حظا فى النهب الممنهج لثروات الوطن و الإحتيال على دول الخليج) فحزهم هو مقابر الدولة أو المدارس العمومية التي ليس لها من المدارس سوى الإسم , و طواقم التأطير فيها من الفئة الأكثر حظاو الغير معنية بمصالح هذه المدارس .
و خير مثال على هذا التمييز و الإقصاء فهو مدرسة نسيبة التي تقع فى قلب مقاطعة الميناء و يحيط بها لحراطين من كل جهة . تمكن أشبال هذه المدرسة من الفوز فى التصفيات المؤهلة لبطولة قطر للأطفال (7-12) لكن سواد بشرتهم حال دون تمكينهم من السفر لأن أبناء الشناقطة الذين يسيرون هذا البلد لا يرضون عن تمثيل دولة المليون شاعر بمجموعة من أبناء لحراطين .. فلن يصدق إخواننا العرب بهكذا تمثيل و سيتساءلون لا محالة "من أين جاء هؤلاء الجرذان"
عندما ضمن الأشبال التأهل تحركت ماكنة العنصرية بدءا بمدير المدرسة و إنتهاءا بالأمينة العامة لوزارة التعليم . و كانت المحاولة الأولي هي إستبدال بعض الأسماء بأخرى من خارج المدرسة لكنهم بيظان سيعطون الوجه اللائق للشناقطة و عند ما رفض المدرب تلك اللعبة تدخل مكتب الحالة المدنية و حجز جوازات السفر ليقضى نهائيا على طموح هؤلاء الصبية الذين لا ذنب لهم سوى أنهم احراطين يدرسون و حدهم فى مدرسة نسيبة التي ترفع أبناء الشناقطة عن الدراسة فيها و هاهم يحاولون من خلالها السفر إلى قطر و تمثيل مدرسة هي فى الواقع مزبلة بالنسبة لهم .
اليوم إكتمل الظلم و آتى أكله و ضاعت الفرصة على الوطن و المواطنين لكن العنصريين ربحوا اللعبة كما ربحهها أجدادهم من قبل حين إحتكروا العلم و منعوا الماعون .. فهؤلاء الأشبال سيستيقظون لا محالة من سباتهم و سيفهمون كما فهمت الحركة الإنعتاقية أن الحقوق تنتزع و لا تعطى!
أيها الأشبال الشرفاء .. لقد ظلم أسلافكم بإسم الدين فأنهكت أعراضهم و قطعت أرحامهم و أستبيحت نساءهم .. لكنهم صبروا و إعتبروا حتي أصبحوا من خيرة الدعاة و القراء و الأئمة .. و اليوم تظلمون أنتم بإسم الدولة و من خلالها "فاصبروا و صابروا و رابطوا و اتقو الله ... فمن الظلم تولد الحريات"
لأول مرة فى تاريخ الجمهورية الإسلامية الموريتانية ترفض السلطات رسميا "الغش"و التحايل على الحالة المدنية ..هذا بفضلكم رغم أنه حق أريد به باطل ..كم مسؤول كبير فى هذه الدولة نال وطنية من خلال أوراق مزورة ..كم من "رجل دين" يتقاضى راتبا من خلال بطاقة إزدياد كزورة.ما بالكم بمن ولد فى لوك (السينغال) و فى أوراقه الرسمية أنه مولود فى إكجوجت .. إنها المرة الأولى و ربما الأخيرة فى تاريخ الدولة أن ترفض السلطات تزوير الأوراق ..هذه المرة حسب - زعم الوزير المؤمور – أنه السبب الوحيد لرفض سفر الفتية إلى حيث لا يراد لهم رسميا تمثيل الشناقطة , نحن لا نساند التزوير مهما يكن حجمه و لا هدفه لكننا نندد بإستهداف فئة إجتماعية و إستغلال الدولة فى ذلك , فلماذا قبلت الدولة أصلا أن يشارك فى البطولة من لا يستجيب للمعايير المطلوبة , فمن المسؤول عن الخلل الأصلي الذي أوصل هؤلاء الأشبال إلى هذه المرحلة أليس تصحيح البدايات شرط النهايات .. أم أن ذلك جزء من الإهمال الرسمي و الممنهج الذي تتعرض له المدارس العمومية و ما يجري فيها من أمور !! أم أن المسؤولين كانوا يظننون أنه لا حظ لأبناء لحراطين فى الوصول إلى ما وصلوا إليه ؟ و عندما حصلت المفاجئة المؤلمة لأبناء الشناقطة إنتبهت السلطات إلى الحالة المدنية لتخلصهم من الإحراج الكبير الذي وقعوا فيه ..
حدد خلل متعمد يتمثل فى غض الطرف عن المعايير فى البداية و تم تصحيحه بخطأ كبير كان يمكن أن يعصف بكيان الدولة - فرب إعتذار أقبح من ذمب - ..
هذا كله إذا صدقنا الرواية الرسمية .. و هو أمر مشكوك فيه لأننا مجتمع يعتبر الكذب فضيلة !
ابراهيم بلال رمظان سجين رأي