حوارات مارتونية تشاورية تعيد ذكري 58 سنة من مؤتمر تأسيس الدولة عبر حقب زمكانية تـدار رحاها حول أزمات أنهكت العباد والبلاد ذات مضامين إركولوجية وشطحات فكرية تنبثق من رحم معانات شرائح اجتماعية عانت الأمرين منذ نشأة الـدولة الفتية وان كان الحوار يشكل فرصة نادرة لدي شعاب " بكة " الذين غيبوا عن مؤتمر التأسيس 1958 في ألاك إذ لم يعد هناك مبرر لغياب لحراطـين عن حوار حضره الكل وتغيب عنه بناة الدولة من الطيف الاجتماعي حتى وان كان المستهدف غير معـلن عنه ضمنيا ومضامين الحوار غائرة تبعث إلي الحيرة والدهشة ومخرجاته معلبة سلفا ، أما فحـواه فهي زلة لسان عكاشة التي أغضبت أصحاب النظريات الضيقة والعصبية وببغاء العروبة بالمحاباة وأخرجتهم من الحوار غضبا وغيظا وألقت بلائمة علي الذين خلـفـوا من ديناصورات السياسة.
معطيات الحوار أمخضت العناكب فولدت زنين تاريخ أحداث تكنوديمقراطية أرغمت البعض علي لملمة أوراقه بشماله وأخذها الأخر يمينه وامتنع البعض عن أخذها فأجهضت حدسيات ونبشت قبور وكشفت ملفات وأعيدت صياغة دفاتر سـر ذاع صيته ضمن فقاعات نواميس وضجيج جمهور واحتجاج أصحاب مدافن وأصيغ القديم في قالب الجديد وانقلب المديح هجاء وبلغت قلوب القتلة الحناجر وضاق الأخدان ذرعا وتذمر الرويبص فأذرفت دموع التماسيح علي ضحايا عظام نخرة ودلافين العائدين الجدد علي سراج خشبة مسرحية وخطفت الأنظار بغية تدويل مضامين الحوار وضمان رفع سقف المطالب ووجهت شذرات الخطاب فأصابت أصحاب القرار بالهلع والخوف من عظمة ركينة فحوي الخطاب حتى لا ينجز حر ما وعد ( نبش القبور) فقد كانت مطالب الزنوج بكل انسيابية وروحانية شافية لما في الصدور وان كانت ذو نزعة سندبادية وان لم تستوفي شروط الموضوعية في مضامين محتويات الحوار حتى وان كان فيها نوع من الرجوع إلي الماضي وقد تكون فكرة النوح علي الأطلال سلما إلي بلوغ الحاضر في أيقونة أن ينال الأسهل عن طريق طلب الأصعب.
إن القوة العقلانية لدي النخبة الزنجية أربكت الحاضرين إذ اسطاعوا أن يسيروا ورشات الحوار الأربعة دون أن تنل أو تخل بوحدة الصف حتى في القضايا الحساسة التي تشكل سرطان وحدة الصف عند لحراطين والبيظان مثل جدلية العبودية وسفسطائية الجهوية وأفيونية القبيلة التي تشكل مطبات عقبات تجاوزتها العقلانية الزنجية بكل رزانة وتحضر وهي أمراض تنخر جسم وحدة الزنوج الاجتماعية والسياسية والقبلية لكنها يحذر تناولها في العلن مهما كانت جسامة الخلافات بين شرائح وطبقات المجمع الجمعـوي الزنجي متجاوزين إشكالية أفضلية زنوج ضفة الوالو علي ولاء زنوج أدغال نفايات مملكة غانا علي شهامة زنوج سهول الحوضين (بلاد اليانكتا).
فمن الأدغال هذه الإشكاليات تؤكل كتف اللحمة الاجتماعية بين لحراطين والأخوة البيظان حيث يسقط قناع وحدة الصفوف وأخوة الإسلام وأفضلية الإيمان وعتبات اللحمة الاجتماعية غير أن هذه المعضلات من شكليات الأمور عند الأخوة البيظان ومتجاوزة بفعل عامل ألفة الزمان ووحدة المكان أما الأخوة لحـراطيـن ذوي العقلانية الأرخميدية الأخطبوطية فليس لهم سوي نصيب التيس من زبد البحر ولشرائح الاخري ما مكث في الأرض وانتفعت به الناس وصدرت عنه مخرجات توصيات الحوار إذ صرفت أبصار العمـرين تلقاء التصدي لمطالب الزنوج في مسلك عادة حليمة من الشاي والطهي رحمة بأيادي الأسياد والتكلف بالرد الشافي علي جنوح الزنوج وتعهد بتتبع الرمية خطوة ، خطـوة وتجاهل الرامي أيام ثلاث نحسات كانت كفيلة بان ترد غيض لحراطـين عن الزنوج ليكفيهم الله شرهم فقد تفشت البغضاء بين محاورين لحراطين بسبب التنافس علي قشة الوزارة الأولي التي عادة ما تقسم ظهر حمار حليمة في التوحيد بين حـراطـين الشرق والجنوب في سفالة يندي لها الجبين من رفع سقف مطالب الشريحة في نزاع علي مغيب لا يكاد يجمع عليه أو يبين ( منصب نائب الرئيس) هي النذالة الجوفاء فقد أخطا سيد القوم المحاورين في عجالة بغية الحصول علي نصيب الأسد إذا ما اجمع علي استحداث منصب نائب الرئيس خوفا علي المنصب من سلمان القصر الرماد متناسيا أن ثلثي أتباع سلمان القصر الرمادي ينحدرون من حـراطيـن الجنوب ولا فخر وقد سبق لحـراطـين الشرق الظفـر بمنصب الوزير الأول وكانت محل فخر واعتزاز عند حراطـين الجنوب وأصبحت نبراسا يفتخرون به.
ومن باب الكبرياء والفخر والعز فلم يكن يعقـل أن يكون حـراطـيـن الشرق والجنوب ما زالت الحاضنة العقلانية عندهم في هذا المستوي الركن السلق من التخلف الذي ينحط إلي فض الكلم وضيق الأفق العلمي والمعرفي والسباب الهمجي واللعان السياسي فـزلات الألسن من مخرجات تصحيح التحيز لان مآسي حـراطـين الشرق والجنوب أديم آلام من مشكاة رحم معاناة واحدة فلو مسخ حـراطين الجنوب حمير لمسخ الشرقيون حمير فلا فرق في حكم الجناية عند العبيد في النعمة والعبيد في كرمسين لان العبيد في ما جنوا ومأساة العبدة خادم الله في انبيكت لحواش هي مأساة العبدة ريحانة في أبرين وإن اختلف المكان فالعبد الجنوبي والشرقي لا تجب عليه صلاة الجمعة ولا إمامة الجماعة فمأساة واحدة وأن تبدل الزمكان واجتمعتم أو اختلفت في الحوار الناي .. الناي إلي ما ينفع الشريحة ويعيدها إلي مصاف الأجواد وخيار القوم فالوحدة صمام الأمان ولا عبرة بالقبلية أو الجهوية فقبيلة العبد رهن لمشتريه ليبقي الحوار فضاء حريات مفتوح لأراي والرأي الأخر دون تسفيه مضامين كلم الآخرين.
الأستاذ :محمد ورزك محمود الرازكه