في وطن تتعدد فيه مظاهر الظلم و القهر و المحسوبية و القبلية و العنصرية في بلد جهلته أفضل من مثقفيه وحملت الفكر فيه لا يستطعون التعبير دون أن تكون الأبواب مغلقة والنوافذ موصدة و الهواتف خارج إطار الخدمة وفي حالات كثيرة الشبكة متعطلة، في بلد ساسته يتهافتون و يصطفون لمبايعة القيصر و الجنرال الأرعن من أجل مواصلة مشروعه التخريبي أحزابهم أنقسمت وقادتهم تنحاروا و قوتهم تشتت، في وطن كل شيئ فيه ممكن إلا الإنتماء الحقيقي للوطن، في وطن المجرم فيه هو الشرطي السجان الذي تدرب وتكون في مدرسة لم يتخرج منها إلا الظالمون إلا من رحم ربك و هم في العادة مهمشون ومحولون نحو إدارات أخري لأنهم لا يعرفون فنيات الظلم، الشريف النزيه هو المسجون يبحث من نافذة ضيقة عن بصيص أمل ينصفه أو أحدا ينقذه، في وطن تنظر من حولك ومن خلفك فإذا بك تعانق المستنقعات بينما يوجد في الطرف الآخر من لم يري يوما بقعة ماء ولم تتبلل ثيابه بقطرة مطر ولم يمتلأ منزله من الماء بحكم أستحواذه علي خيرات هذا الشعب المسكين، في وطن تنقلب فيه الموازين و تتصارع فيه الأضداد لكنها في النهاية تجتمع مشكلتا بذلك لوحة فنية رائعة هذا صحفي وهذه وكالة إعلامية تشكل منبرا للمظلومين تمنع وتصادر وتحرم من كل الإمتيازات تلك تقبل النفاق و التملق و الكذب تقدم لها كل الخدمات و التسهيلات، في وطن عندما تقف مجموعة شابة علي قارعة الطريق حاملة شعارات منددة بالوضع المعيشي ومطالبة السلطات بالتحرك تنهال عليها كتائب من الشرطة المدججة بالعصي ومسيلات الدموع وتنكل بها وترميها في مخافر التحقيق و الحجز التعسفي تعانق فضالات المسجونين بحجج واهية بينما تضرب الخيام علي قارعة الطريق من أجل تقديم خدمات جنسية لأباطرة النظام و قادته، شقق مفروشة في ضواحي أنواكشوط ( الرياض، الترحيل) ملك لجنرالات ونواب تحميها الشرطة و يقام فيها ما طاب و لذ من الممارسات الشاذة حتي أن موظيفها في حالات كثيرة يتبعون لنفس القطاعات المدارة من طرف ملاكها، في الجانب الآخر مجموعة ضعيفة من مداحة الرسول عليه أفضل الصلوات و السلام سيقيمون سهرة مديحية بمناسبة العيد لا بد لهم من إذن بترخيص السهرة يحتاج لتوقعين توقيع المفوض الذي تركه موقعا أصلا ضمن إستمارة خاصة، و خاتمه موجد لدي سكرتيره و توقيع الحاكم الذي لم يوقع أصلا علي الترخيص ومن أجل التوقيع لا بد للحرس الموجدين معه من شيئا ما ناهيك عن سعر الترخيص المحدد ب 15000 أوقية لا تدفع مقابلها فاتورة إستلام و من الأكيد أنها تذهب في أمور لم تخلق لها قد تكون تلك المنازل و السيارات الفاخرة التي توجد لدي البعض بينما يستثني الخنثوي و العاهرة و اللص خلال حفلاتهم من هذا الإجراء لأنهم يدفعون الضعف المضاعف، عندما تقوم أجهزة إستخباراتية و تحرك مواطنين عزل في ساحة بمقاطعة لكصر تقوم الأجهزة الأمنية بملاحقة شباب ينتمون للمد الإنعتاقي أثبتوا جدوائيتهم و سلميتهم حتي اللحظة، في وطن بإمكان الشرطي فيه أن يكسر ذراع خادم مناضلة منافحة عن حقوقها تعرف أروقة المستشفيات وتجيد التعامل مع الحقن و المهدئات وتضميد جراحها بنفسها، دون أن يتم توقيفه لأن ما قام به يجيزه أخليل بل يجيز الإغتصاب و المتعة الجنسية بالخدم لأنهم ملك لأسيادهم، في وطن عندما يفكر شابا تقدميا و في قاعة مكيفة وبحضور عديد الوزراء أن يوجه رسالة عبر حذائه في خطوة رمزية لا يفهمها إلا عاقل لبيب هو أن الناطق لا يفهم في الرسائل المكتوبة بخط جميل و في أوراق محترمة بقدرما يفهم في حذاء متهالك من صنع صيني تعرض لتلف مرات و أعاد الصحفي صياغته و صيانته من جديد من أجل تمرير الرسالة عبره بعد أن أحتجزه صانع الأحذية الأيام لأنه يدرك أنه سوف يدخل التاريخ، قد لا يختلف أحد معك الصالون و في مقر الحزب وعبر القنوات العميلة أيها الناطق علي أن السمسار و التاجر و العميل و الماسوني و المخبر بيرام الداه ولد أعبيد توجه لعقد قران حركته مع حركات إفريقية أطاحة بأنظمة أقوي و أعرق مما نحن فيه، ومادام الرجل حامل كل هذه الصيفات لا يشكل تحديا لصناع القرار ولا يخيف الإقطاعيين الإستعباديين فلماذا هذا الصخب و لماذا هذه النسخة الجديدة من النطق التي خصص لها النطق حيزا معتبرا من وقته الثمين مفندا أهمية الزيارة ومؤكدا أن الصحفية البركنابية قد أقيلت من منصبها أيعقل هذا أم أن النطق يظنها تلفزيون منت شيخاني و إذاعة ولد حرمة الله ووكالة المدير ولد بونة، هذه سيدي الناطق فولتا العليا جمهورية بركينافاسو مهد ثورة توماس سينغاري الذي لا شك أن دمه الطاهر أطاح برفيقه في السلاح كومباوري الذي قتله في عملية إرهابية بشعة لم تمنع أحفاد توماس سنغاري من مواصلة نضالهم ومشروعهم التحرري، سيدي الناطق هناك من يجدون أنفسهم في ظرف زمني ضيق يستفيدون من الموجود و يحاولون التكيف مع الواقع وبذلك يريدون أن يعيشون من خلال بورصة بيع المبادئ الذي يبدوا أنك لم تتطرق لها ضمن بورصة المعاملات الإفريقية التي تحدثت عنها بخصوص الحركة الإنعتاقية، هناك من يجدون أنفسهم علي مدي زمني طويل لا يريدون العيش بالمبادئ و لا يساومون عندما تناديهم أمعائهم المصادرة لا يستمعون لها لا يريدون التعيين و لا الترسيم ولا التوظيف لا يعرفون حتي أسماء الإدارات و الوزرات و الشخصيات الحكومية لأنها أمور رمزية لا تهمهم ولا تغير من الوضع، أطفالهم مساجين في مدارس عمومية مخصصة لسجن أبناء الضعفاء، من الطبقات المحرومة من أبناء الحراس و الخدم و المعاقين و المرضي، قطعهم الأرضية بعيدة عن كل مستلزمات الحياة لا ماء ولا كهرباء ولا صحة ، أكثر مايهمهم ذلك الحمال البائس و تلك أنجاية المحرومة و تلك الشغالة المغتصبة و ذاك الحقوقي المسجون، وذلك الطفل الذي يستقيظ صباحا ويتوجه نحو مدرسة أبوابها موصدة مديرها فتح أخري حرة ومعلمها لديها سيارة أجرة يؤمن بها قوته بعد أن خذله التعليم، حارسها غادرها لأن البلدية لم تدفع له الأجرة ولا يوجد لديه سكن و منعه المدير من نشاط مدر للدخل كالزراعة و بيع بعض المستلزمات لأن زوجته تنوي فعل ذلك، ورئيس رابطة أبائها هدده الحاكم وصادرته السلطات التعليمية و قدم له العمدة رشوة تتمثل في بيع كل الكتب المدرسية و الطاولات الموجودة من أجل تغطية حاجة المدرسة، ووعده بتمويل يوم تربوي تقدم فيه إبداعات المساجين ورسوماتهم و إسكتشاتهم وتوزع فيه شهادات تقديرية علي معلمين قدموا عملا متميزا وهو أنهم لا يعرفون حتي أين توجد المدرسة.
عندما يقرأون ما تكتب أو يستمعون لأصوات مطالبة ومنددة بالوضع يقولون جميعا هؤلاء خونة أعداء الوطن و الوحدة الوطنية، هؤلاء يجب أن تزداد بهم السجون ووتتزين بهم مخافر التحقيق، هؤلاء تجب متابعتهم و التنكيل بهم و مصادرتهم، هؤلاء عملاء للغرب و الماسونية و العلمانية، لكن في النهاية نحن عملاء للوطن ، نحن نشبه إشارات المرور فاللون الأخضر يعني المواصلة و السير بثقة و اللون الأصفر يعني التريث و النظر و التقييم و اللون الأحمر يعني الخطر، فنحن نوجد في خطر بحكم ثقافة النفاق و التملق وتزييف الحقائق و الكذب، السيد الرئيس كلهم كذابون كلهم منافقون كلهم خونة لبرنامجك ومشروعك سياسي ونحن طبعا سوف نبقي في تصورهم خونة ومنافقون حتي إشعار جديد.
بقلم : حمين أمعيبس