لاتزال السلطة الحاكمة و أجهزة المخابرات و مخافر التحقيق وبعض العاملين و المتعاملين مع هذه الأجهزة عاقدة العزم علي ملاحقة إيرا و أعضائها و جناحها الزنجي المتهم الرئيسي في أحداث تفرغ زينة الأخيرة أو ما بات يعرف بغزوة كزرة تفر زينة، و مهما تعددت الإعتقالات و الملاحقات و المتابعات فإن حركة إيرا الإنعتاقية لازالت حتي اللحظة تدعي برائتها من التهم المنسوبة إليها و تعتبر إقدام الدولة علي هذه الملاحقات مجرد تصفية حسابات سياسية مع حركة أثبتت امتدادها وقوتها وتحديها لصناع القرار وحصدها لتعاطف دولي من خلال الجوائز و الشهادات و التقديرات التي حصدتها الحركة في إطار نشاطها الفعلي في ميدان مكافحة العبودية و الدفاع عن المستضعفين و الوقوف إلي جانب المظلومين ونبشها لأسرار ملفات الإرث الإنساني التي لازالت الدولة تشكل حرجا لها و خوفا من ملامستها رغم الإرهاصات التي قيم بها من طرف الدولة في هذا الميدان تلك الإرهاصات التي يعتبرها الزنوج و الناشطين الحقوقيين غير كافية لطي الملف خصوصا أن الزنوج المضطهدين عانوا خلال سنوات 1987،1989،و 1990 من تصفية عرقية علي خلفية اتهامات ملفقة و توريط متعمد من طرف القوميين العرب الذين لعبوا دورا مهما في إشعال نار الفتنة و محاولة إقحام الزنوج و توريطهم في ملفات لازال يدعون البراءة منها حتى اللحظة، و بما أن حركة إيرا الإنعتاقية احتضنت الزنوج المضطهدين و عملت إلي جانبهم و استطاعت تسويق قضيتهم و الدفاع عنها في المحافل الدولية و ساهمت في العديد من القوافل و الأنشطة التضامنية مع الأرامل و الأيتام من أبناء الزنوج، فإن أصواتا محسوبة علي إيرا و مطرودة منها بسبب أفعال و مسلكيات تنافي خط الحركة و لا تتقاطع مع قيمها قد طالبت و عبر العديد من اللقاءات و المقابلات و المؤتمرات الصحفية بضرورة توضيح العلاقة المشبوهة التي تربط الحركة بالزنوج وخصوصا العنصر الهاليبولاري العنصري حسب الغاضبين وقد تجاوز هذا الصراع ليصل لتسمية بعض الأشخاص ووصفهم بأنهم هم من يسيطرون علي مفاصل الحركة ويكونون لوبيات منتشرة عبر العالم تعمل بالتعاون مع الماسونية الدولية التي تحتضن العديد من الناشطين الزنوج بحجة أنهم لاجئين سياسيين في وقت يتعرض فيه شباب لحراطين و العبيد السابقين للمضايقات و الرمي في السجون و التنكيل و التصفية وقد جندت المجموعة الغاضبة لهذا الغرض أقلام و مدونين و حتى صحفيين بارزين من أجل تسويق الحجة و توظيفها لصالحهم، و قد أثبتت أحداث تفرغ زينة أن المجموعة الغاضبة وبعد فشلها في تفكيك الحركة خصوصا أنها تحركت في ظرفية مواتية و توقيت مناسب يوجد فيها زعيم الحركة و نائبه وراء القضبان علي خلفية أحداث روصو إلا أن تحركها و محاولات تفكيكها للحركة لم توفق نتيجة التماسك القوي و الإنسجام المعقلن لأعضاء الحركة و قد عملت المخابرات الموريتانية بالتعاون مع هؤلاء علي هز الحركة لكن المعطيات تغيرت مع خروج زعيم الحركة و نائبه اللذان فضلي الصمت و الإنتظار من أجل معرفة ما ستؤول إليه الأمور، ساكنة العاصمة أنواكشوط و بالتحديد سكان تفرغ زينة يستيقظون علي مسيلات الدموع و عصي الأمن و التنكيل بمواطنين عزل ينتمون لطبقات العبيد و العبيد السابقين في حيز جغرافي بتفرغ زينة غير بعيد من مستشفي العيون كانوا قد إستغلوه بصفة مؤقتة وطالبهم ملاكه الحقيقيون بإخلائه فرفضوا وطالبوا الدولة بتسوية وضعيتهم لكن الدولة لم تقدم حلا واضحا لهؤلاء السكان وقد حاولت ترحيلهم بطرق غير إنسانية مما قاد للمواجهة بين المواطنين و أجهزة الأمن، اللحظات الأولي للمعركة شهدت العديد من الخسائر في صفوف الطرفين باص متهالك للشرطة يتعرض للحرق أعرشه و خيام تتعرض لتلف و توقيف العديد من المتظاهرين الغاضبين، ميثاق الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية للحراطين يصدر بيان تنديد و يطالب منتسبيه بوقفة تضامن بعد صلاة التراويح، حركة إيرا الإنعتاقية تلتزم الصمت و السلطات الإدارية والي ولاية أنواكشوط الغربية و حاكم مقاطعة لكصر و المدير الجهوي لأمن ولاية أنواكشوط الغربية وقادة الوحدات العسكرية العاملة في الولاية من حرس ودرك يعقدون اجتماع علي وجه السرعة و النتيجة في النهاية اتهام حركة إيرا و توقيف نائب رئيسها و أمين علاقاتها الخارجية وبعض رؤساء الأقسام بالسبخة و الرياض و عرفات و يتضح من معالم الصورة أن الجناح الزنجي لحركة إيرا الإنعتاقية دخل المعترك وبدأ في معانقة مخافر التحقيق، لحظات معدودة و تبدأ موجة الاعتقالات التعسفية و الملاحقات البوليسية المتواصلة في حق أعضاء الحركة وقادتها، مما يفسر أن أجهزة الأمن تتلقي الأوامر بالتنسيق مع جهات معادية لإيرا و جناحها الزنجي، الرئيس بيرام ولد الداه ولد أعبيد و نائبه إبراهيم بلال في رحلة عمل إلي الولايات المتحدة الأمريكية من أجل استلام جوائز TIP المقدمة من طرف الخارجية الأمريكية و التي تثمن مجهودات الناشطين في ميدان مناهضة تهريب البشر عبر العالم و كأن أمريكا ووزير خارجيتها يدركون أن لحظات فرح الزعمين لن تعمر طويلا خصوصا أن وقت استلام الجائزتين يتزامن مع اعتقال الناشطين الزنوج من حركة إيرا علي خلفية أحداث تفرغ زينة، عودة الزعيم بيرام ولد الداه ولد أعبيد سيكون لها ما بعدها وسوف تحتدم المواجهة بين رجل عرف بمواقفه و قدراته البلاغية الفائقة و معرفته الدقيقة بأسرار العبودية في موريتانيا مصحوبا بنائبه الحراطين لحمر إبراهيم ولد بلال المنظر و المخطط و العقل المدبر للحركة و الذي حاول الجناح الغاضب استدراجه و الفوز به لكن قيم الرجل وثقافته و مستواه الفكري العالي يمنعه من الارتماء في أحضان المخابرات و الدوائر الأمنية، قد لا تكون قمة العرب المزمع تنظيمها في أنواكشوط في أحسن أحوالها خصوصا في ظل المواجهة مع حركة تعرف التعطر بمسيلات الدموع و تعرف مخافر التحقيق و تتخذ من السجون ملجئا لها من أجل أعين المظلومين و المحرومين، التهم الموجهة لناشطي الحركة لن تكون أعنف من تلك التي وجهت لزعيم و نائبه إقامة وقفات غير مرخصة زعزعت الأمن العام مواجهة رجال الأمن خلال تأديتهم لمهامهم وإتلاف الأملاك العامة و التهمة الجديدة في التهم الموجهة للعناصر المختطفة هي ارتداء زى رجال الأمن و تزوير بعض المحاضر بالنسبة لتهمة الموجهة و السبب الحقيقي هو تدوينة لناشط طالب فيها شعب لحراطين بالنزول للشارع، وفي النهاية الخلاصة هي توريط عناصر من إيرا و حركتهم علي أنهم شواذ مجرمون خارجون عن القانون، وفي النهاية تأكد المعطيات أن المستهدف هو الزنوج.
بقلم : حمين سيدي أمعيبس
حقوقي/كاتب صحفي مستقل