مع اقتراب موعد الاستفتاء على بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، تتوالى استطلاعات الرأي كل يوم تقريبا، بل يخرج أحيانا استطلاعان في يوم واحد وقصب السبق فيها يتبادله الفريقان فمرة يتقدم المؤيدون ومرة المعارضون، وهكذا دواليك.
لكن المهم أن نسبة من لم يحسموا رأيهم مازالت تقريبا كما هي فبينما تتراوح نسبة المؤيدين والمعارضين بين ثلاثة وأربعين وأربعة وأربعين يبقى إذا نحو اثني عشر في المئة من الناخبين لم يحسم موقفه بعد.
معنى ذلك أن الحسم غالبا لا يحدده من قرروا كيف سيصوتون بل أولئك الذين لم يتخذوا قرارهم بعد ومازالوا يتأرجحون بين هذا وذاك ومازالوا يوازنون بين فوائد البقاء وفوائد الخروج.
لكن الصحف البريطانية وكعادتها لا تفتأ تبرز نتائج استطلاعات الرأي بوصفها مؤشرا مهما متناسية أن استطلاعات الرأي خيبت ظن الجميع مرتين في الآونة الاخيرة ، الأولى في الاستفتاء على انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة فقبل الاستفتاء بأسابيع كانت استطلاعات الرأي تظهر تقدما كبيرا لمؤيدي الانفصال لكن النتيجة جاءت بخلاف ذلك.
أما الفشل الأكبر للاستطلاعات فكان في انتخابات مجلس العموم العام الماضي حين توقعت استطلاعات الرأي برلمانا معلقا يحظى حزب العمال بالأكثرية فيه ولكنه لا يمتلك أغلبية تكفل له تشكيل الحكومة.
لكن النتيجة كانت مفاجئة حقيقية فقد اكتسح حزب المحافظين الانتخابات وحصد أغلبية تكفل له تشكيل الحكومة دون حتى الحاجة إلى الدخول في تحالفات وائتلافات.
هذه إذا حقيقة استطلاعات الرأي تصيب حينا وتخطيئ أحيانا وهي على كل حال ليست إلا مؤشرا على المزاج العام لكنها لا تستطيع أن تقيم العوامل الأخرى التي تدخل في اللحظات الأخيرة لتقلب الموازين.
لكن المؤكد أن لدى كلا الحملتين أوراقا أخيرة تحتفظان بها للأيام الأخيرة ربما يكون لإحداها القول الفصل في حسم نتائج التصويت وحسم تردد الكثيرين.
ولا عجب هنا أن القانون البريطاني يحظر على وسائل الإعلام الحديث عن استطلاعات الرأي أو الإشارة إليها بمجرد فتح مراكز الاقتراع أبوابها لأن هذا قد يؤثر على توجهات الناخبين من جهة بل ويؤثر على الأسواق المالية واستقرارها من جهة أخرى.
ويبقى أن الحديث عن أي تقدم للمؤيدين أو المعارضين مؤجل بالكامل لما بعد إغلاق مراكز الاقتراع مساء الخميس المقبل وعندها سيكون الحديث مبنيا على حقائق ملموسة واستطلاعات أوسع نطاقا وأكثر مصداقية.