لا شك أن تلويح أبوظبي بالانسحاب من المشاركة عسكريا مع قوات التحالف «العربي» في الحرب التي لم تنته حتى الآن في اليمن، لا يمكن ان يتم دون إطلاع الرياض عليه، حتى ولو لم يرض السعودية مثل هذا الإعلان .
والسعودية تعرف أن الإمارات لم تعد تشارك عسكريا في الحرب الدائرة في اليمن، منذ تحرير المكلا ومحافظة حضرموت الجنوبية من سيطرة تنظيم «القاعدة» قبل نحو ثلاثة أشهر، والرياض تعرف أن هناك تباينات في الأهداف السياسية بينها وبين أبوظبي رغم تشكيل مجلس لتنسيق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين .
ولكن لا شك أن الرياض لن تنظر إلى إعلان الإمارات انتهاء الحرب في اليمن بارتياح لأنه برأي ديبلوماسي خليجي: غير ملائم وغير مناسب في توقيته على الأقل للمملكة ولتطورات الحرب اليمنية .
المصادر السعودية الرسمية امتنعت – حتى مساء أمس – عن التعليق على إعلان أبوظبي، ولكن بدا أن هناك «عدم ارتياح» سعوديا من الإعلان، ولوحظ أن وسائل الإعلام السعودية الرسمية وشبه الرسمية لم تشر إلى الإعلان الإماراتي على الإطلاق رغم مرور أكثر من 24 ساعة على محاضرة وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي عبدالله قرقاش التي أعلن فيها أن حرب اليمن المستمرة منذ أكثر من عام «انتهت عملياً»، وقال «موقفنا واضح، فالحرب انتهت بالنسبة إلى جنودنا، نرصد التحركات والترتيبات السياسية، ودورنا الأساسي حاليا هو تمكين اليمنيين في المناطق المحررة».
وكان لافتا أيضا قيام الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، والرجل القوي في الإمارات، بإعادة هذه التصريحات على حسابه الرسمي على شبكة «تويتر»، في خطوة غير مسبوقة، حتى أن بعض الإعلام المحسوب على السعودية نشر خبر الإعلان بتحفظ واقتضاب شديد، بما فيها قناة تلفاز «العربية» السعودية والمقربة من صانعي القرار في أبوظبي .
ويرى مصدر سعودي في الرياض أن الإعلان الإماراتي جاء في وقت غير مناسب، بعد أن وصلت مفاوضات السلام اليمنية في الكويت إلى طريق مسدود، وأصبح يبدو أنه لم يعد هناك مجال إلا للعودة للحل العسكري للضغط على الانقلابيين للقبول بالحل السياسي .
ويرى مصدر ديبلوماسي عربي من دول التحالف أن الإعلان الإماراتي يؤكد على وجود تضارب أو عدم توافق بين أهداف الرياض وأبوظبي من حرب اليمن، لاسيما سعي أبو ظبي لتكريس عودة الانفصال إلى جنوب اليمن. ولا ينفي الإماراتيون الذين يحتضنون قادة الحراك الجنوبي مثل الرئيس السابق علي سالم البيض، أهدافهم هذه وهم يؤكدون في مجالسهم أن هدفهم الرئيسي في الدخول في حرب اليمن هو «استعادة» الجنوب اليمني، وإخراج الحوثيين منه، وقد تحقق هذا الهدف بصورة أو بأخرى، وانسحبت، أو أجبرت القوات الحوثية على الانسحاب نحو مواقعها في الشمال.
وكان ملاحظا من معركة «تحرير عدن «في شهر أيلول/سبتمبر العام الماضي أن الإماراتيين يركزون على دعم المحافظات الجنوبية أمنيا واقتصاديا .
وتوقفت المشاركات العسكرية الإماراتية في الحرب عند الجنوب، لاسيما بعدما فقدت نحو 52 عسكريا إماراتيا في قصف صاروخي على معسكر لقوات التحالف في محافظة مأرب .
ويبدو واضحا أن الإمارات، في الوقت نفسه، لا تريد المشاركة عسكريا في عمليات تحرير شمال اليمن من الحوثيين وأنصار الرئيس صالح، بسبب الدور الرئيسي لقوات حزب «الإصلاح» المحسوب على الإخوان المسلمين في معركة تحرير الشمال، وهذا ما ظهر في المعارك الدائرة في تعز التي انسحب الإماراتيون منها منذ وقت مبكر .
ولا شك أن تكريس الانفصال في اليمن سيضعف إن لم يلغ الشرعية عن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وبالتالي سيلغي شرعية الحرب التي تقودها السعودية، ولا شك أن ذلك يعني إعطاء الحوثيين الفرص لتمكين وتقوية سيطرتهم على الشمال، وهذا بطبيعة الحال أمر لا يسر السعوديين الذين يريدون طرد الحوثيين من على حدودهم .
من جهته نفى وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش ما تناقلته وسائل إعلام من تصريحات له تعلن انتهاء الحرب في اليمن، وسحب قوات بلاده من البلاد التي تشهد حرباً منذ أكثر من عام.
وقال قرقاش في تغريدات على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس الخميس، إن القوات الإماراتية مستمرة في عملياتها العسكرية، حتى إعلان قيادة التحالف انتهاء الحرب.
وأشار إلى أن «محور الرياض أبوظبي، سيخرج من الأزمة أكثر قوة وتأثيراً، والضرورات الاستراتيجية للمنطقة تحتم ذلك، مكسب ستتضح أهميته الإيجابية على استقرارنا»، مؤكداً على أن أمن بلاده من أمن دول مجلس التعاون الخليجي.