حلف الأطلسي يبدأ مناورات ضخمة في بولندا تثير غضب روسيا

ثلاثاء, 07/06/2016 - 21:01

هبط مظليون أميركيون وبريطانيون وبولنديون على أرض عسكرية في بولندا الثلاثاء، في عرض هائل للقوة، مع بدء حلف شمال الأطلسي أكبر مناورات عسكرية في أوروبا الشرقية منذ الحرب العالمية الأولى.

وأثارت المناورات، التي تجري وسط خلاف عسكري ودبلوماسي بين روسيا والغرب، غضب الكرملين.

ويقول حلف شمال الأطلسي إن مناورات “اناكوندا”، التي تستمر عشرة أيام، ويشارك فيها 31 ألف جندي لتعزيز الأمن في الخاصرة الشرقية من التحالف، حيث تخشى الدول الأعضاء في الحلف من تزايد أعمال روسيا العدائية.

إلا أن بين هودجز، القائد العام للقوات الأميركية في أوروبا، قال للصحافيين “لا داعي للقلق”، مؤكداً أن التدريبات “دفاعية” بحتة.

وتأتي هذه المناورات قبل شهر من القمة التي سيعقدها حلف شمال الأطلسي في وارسو، والتي ستشهد أكبر عملية تجديد له منذ الحرب الباردة، تتمثل في نشر المزيد من الجنود في دول أوروبا الشرقية الأعضاء في الحلف، والقلقة من روسيا منذ ضمّها شبه جزيرة القرم الأوكرانية في 2014.

وتلقى خطوات الحلف معارضة من روسيا. إلا أن الحلف، الذي تقوده الولايات المتحدة، يصف هذه الخطوات بأنها استراتيجية “ردع وحوار”.

 فقدان الثقة 

وردّ الكرملين بغضب على بدء المناورات، التي تعتبر الأكبر منذ مناورات ترايدنت، التي جرت العام الماضي، وشارك فيها 36 ألف جندي من إيطاليا وإسبانيا والبرتغال.

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن “المناورات (..) لا تسهم في نشر جو الثقة والأمن”.

وأضاف “للأسف لا نزال نشهد نقصاً في الثقة المتبادلة”.

يشارك في مناورات “اناكوندا”، التي تعتبر الأحدث في سلسلة من المناورات التي يجريها الحلف في المنطقة، 31 ألف جندي من 24 بلداً، من بينهم 14 ألف جندي من الولايات المتحدة، و12 ألف جندي من بولندا، وألف جندي من بريطانيا، إضافة إلى جنود من دول “الشراكة من أجل السلام”، وهي الجمهوريات السوفياتية السابقة ومن بينها أوكرانيا.

وقال جنرالات أميركيون في تورون، بوسط بولندا، إن نشر 500 من عناصر المظليين من قوات الرد السريع العالمية استغرق 24 ساعة على بعد 7200 كلم من قاعدة “فورت براغ” في شمال كارولاينا، والتي تعتبر أكبر قاعدة عسكرية في العالم.

وتحتجّ روسيا منذ فترة على توسّع الحلف في الجمهوريات السوفياتية السابقة، ووافق الحلف في 1997 رسمياً على عدم نشر قواعد دائمة في دول حلف وارسو السابقة.

ومنذ اندلاع النزاع في أوكرانيا في 2014، أنشأ الحلف قوة رد فائقة السرعة، لها قيادة متقدمة ومراكز لوجستية في الدول الشرقية.

وفي آذار/مارس الماضي أعلن البنتاغون أنه سينشر فرقة مدرعة إضافية مؤلفة من نحو 4200 جندي في أوروبا الشرقية، ابتداءً من مطلع 2017 بشكل مناوبات.

رغم أن الحلف قطع جميع أشكال التعاون العملي مع موسكو بسبب أزمة أوكرانيا، إلا أنه يخطط لإجراء محادثات رسمية مع روسيا قبل القمة التي ستعقد يومي 8 و9 تموز/يوليو.

إلا أن موسكو وواشنطن تبادلتا الاتهامات الشهر الماضي بتعزيز التواجد العسكري في أوروبا، بعد أن بدأت الولايات المتحدة في نشر الدرع الصاروخية في بولندا ورومانيا.

وتوعّدت روسيا بـ “إنهاء التهديدات” التي يشكّلها النظام الصاروخي، رغم التطمينات الأميركية بأن هدفه هو منع أية هجمات محتملة من دول “خارجة عن القانون” في الشرق الأوسط.

وكثّفت روسيا تواجدها بشكل كبير في منطقة بحر البلطيق، كما أن مقاتلاتها تنتهك بشكل متكرر أجواء الجمهوريات السوفياتية الأصغر الأعضاء في الحلف ومن بينها أستونيا. وفي نيسان/أبريل حلّقت تلك الطائرات فوق مدمّرة بحرية أميركية.

 “صراع الإرادات” 

يشكّك بعض المحلّلين في استراتيجية الحلف الحالية، التي تستند على نشر الجنود بالتناوب بدلاً من نشر قوات دائمة، وقالوا إنها قد لا تضمن الأمن على الضفة الشرقية للحلف.

وأوضحت جودي ديمبسي، المحلّلة في مجموعة كارنيغي لـ “وكالة فرانس برس″ “عندما يسوء الوضع، كم ستستغرق تعبئة الجنود بسرعة كبيرة في حال وجود تهديد من هجوم”. وقالت “إذا لم يكن الحلف يريد نشر قوات دائمة، فعليه إذن تسريع إقامة بنية تحتية لنقل الجنود إلى (أوروبا الشرقية) بسرعة”. إلا أن ديمبسي شكّكت في جدوى وجود وحدات صغيرة نسبياً في مواجهة “قوات تقليدية هائلة على الجانب الآخر”.

وقالت ديمبسي “التدريبات الروسية معقدة ومتطورة وكبيرة ومخيفة. انظروا ماذا يفعلون في كاليننغراد”، في إشارة إلى المناورات الروسية في الجيب الروسي الواقع بين بولندا وليتوانيا.

وأضافت أن تلك المناورات “تشبه التحذير للحلف”.

وقال الكرملين إنه سينشر ثلاث فرق عسكرية جديدة في غرب وجنوب روسيا بنهاية العام لمواجهة قوات حلف شمال الأطلسي قرب حدودها.

ووصفت ديمبسي المواجهة بأنها “صراع إرادات” وقالت إنها تعتقد أن تهديدات موسكو تهدف إلى وقف تمدّد حلف شمال الأطلسي في الدول المجاورة لها بعد أن أبدت كل من جورجيا وأوكرانيا، الجمهوريتان السوفياتيتان السابقتان، رغبتهما في الانضمام إلى الحلف الغربي.