اضطرت جريدة «الغارديان» البريطانية، وهي واحدة من أعرق وأشهر الصحف في المملكة المتحدة والعالم، إلى سحب 13 تقريرا منشورا لديها على موقعها الإلكتروني، وأصدرت اعتذاراً رسمياً للقراء عنها، واعترفت أنها تقارير كانت مفبركة قام أحد الصحافيين المتعاونين بتزويد الصحيفة بها مستغلا الثقة الممنوحة له.
وهذه الحادثة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجريدة، إذ لم يسبق أن تعرضت لمثل هذا الحجم من الخديعة واضطرت للاعتذار للقراء عن الخطأ الذي وقعت فيه، في الوقت الذي تُعتبر فيه «الغارديان» الصحيفة الأهم والأبرز في بريطانيا وواحدة من أهم الصحف العالمية المرموقة.
وكتبت محررة الولايات المتحدة في «الغارديان» لي غليدننغ رسالة إلى القراء اعتذرت فيها عن «استغلال أحد الصحافيين المتعاونين الثقة الممنوحة له، حيث تبين أنه فبرك عدداً من التقارير المنشورة والتي سارعت الصحيفة على الفور إلى حذفها عن الموقع الإلكتروني».
وقالت غليدننغ إن الصحافي المتعاون مع «الغارديان» جوزيف مايتون، تورط في كتابة قصص مفبركة، وإن التحقيق في تقاريره بدأ بعد شكوى تقدم بها في شباط/فبراير الماضي أحد المصادر زاعماً أنه لم يتحدث إلى الصحافي ولم يلتقه ولم يُدلِ بأي تصريحات صحافية إليه، فما كان من الصحيفة إلا أن بدأت التحقيق في الموضوعات والتقارير التي كتبها ويكتبها، ليتبين أخيراً أن 13 تقريراً صحافياً كانت مفبركة، وقامت الصحيفة بحذفها عن موقعها الإلكتروني ومن أرشيفها أيضا.
وشرحت غليدننغ أن مايتون بدأ حياته المهنية مع «الغارديان» في عام 2009 عندما كان في مصر، وكان يكتب مقالات في الصحيفة يُعبر فيها عن آرائه ومواقفه، لكنه أصبح لاحقاً يزودها بالتقارير والمواد الإخبارية على أساس أنه محرر متفرغ ويتلقى مكافآت مالية بالقطعة، وذلك اعتباراً من أيار/مايو 2015، حيث كان يكتب مواد وتقارير تتعلق بالشأن الأمريكي من ولاية كاليفورنيا حيث يوجد، على أن تقاريره كانت تتراوح بين قضايا الغابات ومسائل تتعلق بمزارع الماريغوانا وغير ذلك.
وتقول «الغارديان» إنها أخضعت أكثر من 50 مقابلة صحافية استخدمت في تقاريره للتحقيق، حيث خلصت إلى تأكيد أن عددا من هذه المقابلات والمواد كانت مفبركة، بما في ذلك تغطيتان لمناسبتين تبين أن مايتون لم يحضرهما أصلاً بحسب ما أفادت الجهات المنظمة لتلك المناسبات، فيما تشير الصحيفة إلى أن «العديد من الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في تقارير مايتون نفوا أن يكونوا قد أدلوا له بتصريحات، أو التقوا به أو تواصلوا معه» فيما لا تزال العديد من المصادر الأخرى لم تتمكن الصحيفة بعد من التأكد من صحة ما قالته.
وأشارت «الغارديان» إلى أنها طوال شهر كامل كانت تتواصل مع مايتون إما شخصياً أو عبر إرسال العشرات من رسائل البريد الإلكتروني تطلب منه تقديم أدلة أو إثباتات على أنه تواصل مع المصادر التي تنفي أن تكون قد تحدثت معه، إلا أنه لم يتمكن من إثبات أي شيء مما جاء في مقالاته وتقاريره، فيما تم أخذ كل إفاداته بعين الاعتبار لتنتهي الصحيفة إلى الاطمئنان بأن المواد الـ13 على الأقل هي مفبركة، وقامت بحذفها واعتذرت للقراء عنها.