ما بعد زيارة الحوض الشرقي.. ليس كما قبل؟

سبت, 15/11/2025 - 10:34

لم تكن زيارة الحوض الشرقي حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، ولا مجرد محطة أخرى في جولات التفقد الرئاسية. ما جرى هناك كان لحظة فارقة في علاقة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بالسلطة، وبمحيطه، وبالشارع الموريتاني.

فمنذ أشهر، تحرّكت داخل هرم السلطة حلقات صغيرة، لكنها مؤثرة، تحاول جرّ الرأي العام إلى سجال مبكر حول انتخابات 2029، وتوجيه بوصلة النقاش العام نحو ملفات يُراد منها أكثر مما يُعلن عنه.

ذلك الحراك لم يكن بريئًا، ولم يكن بعيدًا عن البحث عن نفوذ ومكاسب قبل أي استحقاق، مستفيدًا من موقعه داخل الأجهزة ومفاصل القرار.

لكن زيارة الحوض الشرقي كشفت أن الرئيس لم يعد ينظر إلى هذه الديناميات بصمت الضابط، بل بحدس السياسي الذي يدرك أن ترك الأمور تنزلق قد يكلّفه أكثر مما يحتمله نظام لا يزال في بداية مأموريته الأخيرة.

كان واضحًا أن الرئيس بدأ يُجري حساباته بنفسه، وأنه لم يعد مستعدًا لتسليم أوراق اللعبة لمن يظن أنه  “الأدرى بالميدان”.

في الـحوض الشرقي، ظهر غزواني أكثر ثقة، وأكثر حضورًا، وكأنه اتخذ قرارًا لا يحتاج إلى تعليق:

أن يكون هو صاحب الإيقاع، لا من يحاولون توجيه الإيقاع من خلف الستار.

السياسة ليست خطابات مطوّلة ولا وعودًا مكررة؛ السياسة أفعال محسوبة، ومبادرات في التوقيت المناسب، وقرارات تقول ما لا تقوله الكلمات.

وإذا كان ما شهدناه في الحوض الشرقي مجرد بداية، فإن الأسابيع المقبلة قد تحمل تعبيرًا أوضح عن هذا التحول، سواء تجاه ملفات الفساد، أو تجاه محيط كان يستفيد من صبر الرئيس أكثر مما يتحمله المنصب.

ما حدث هناك ليس حدثًا محليًا، بل رسالة سياسية بمعناها الكامل: الرئيس قرر أن يمارس السياسة، وأن يمارسها بنفسه.

 

أقلام -موريتانيا