الإقالات الجريئة ترسم ملامح الجمهورية النزيهة.

أربعاء, 22/10/2025 - 07:57

​إن الإجراء الذي اتخذته السلطات التنفيذية في موريتانيا بإصدار إقالات بالجملة للموظفين الذين وردت أسماؤهم في تقرير محكمة الحسابات هو خطوة جبارة وتاريخية، تستحق كل التقدير والإشادة. هذه الضربة القوية لا تُعد مجرد قرار إداري، بل هي زلزال إيجابي يهز أركان الفساد، وإعلان حرب صريح على نهب المال العام، يرسخ دولة المؤسسات ويعيد للمواطن ثقته المفقودة.
هذه الخطوة مفصلية لأنها تعزز هيبة الدولة والقضاء؛ إذ إن ربط المساءلة بتقرير هيئة رقابية عليا كمحكمة الحسابات يثبت أن القانون فوق الجميع، ويعزز من مصداقية القضاء والأجهزة الرقابية، وهو دليل على إرادة سياسية حاسمة لوقف التبديد. كما أنها تمثل جدار حماية ضد النهب؛ فالإقالات بناءً على أدلة ونتائج تحقيق مؤسسي تبعث برسالة مدوية: زمن الإفلات من العقاب قد ولى، وأن كل من يتجرأ على المال العام سيُحاسب، مهما كان منصبه.
علاوة على ذلك، تُعد هذه الخطوة تطوراً ديمقراطياً غير مسبوق؛ فهي لا تقل أهمية عن أبرز محطات التطور الديمقراطي في سجل موريتانيا، من تسليم السلطة السلمي بين الرئيس الانتقالي الراحل اعلِ محمد فال والرئيس المنتخب الراحل سيدي الشيخ عبد الله، مروراً بتسليم السلطة من الرئيس السابق محمد عبد العزيز للرئيس الحالي محمد الشيخ الغزواني، وصولاً إلى مثول الرئيس السابق أمام العدالة في ملف الفساد. كل هذا يثبت نضجاً حقيقياً في ممارسة الحوكمة والمساءلة.
إن ما يحدث في موريتانيا اليوم هو سابقة في محيطها الإقليمي، يكسر حاجز الخوف من محاسبة "كبار" الموظفين. إنه قفزة نوعية في العقلية الموريتانية نحو الشفافية والمساءلة. لهذا، نقدم تحية إجلال للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وحكومته على هذا الحزم والشجاعة. هذه الخطوات، هي أسس جديدة لدولة قوية، نزيهة، وعادلة. إلى الأمام في سبيل اجتثاث الفساد واسترداد كل أوقية من مال الشعب!
محمد علوش القلقمي