
عليُّ، يا بُني، يا ذخري..
ما كدتَ تكمل ثماني عشرة حجة حتى تخطفتك المنون من بين أيدينا، وأنت في شرخ شبابٍ تملأه الأحلام والتطلعات.
حصدتَ متألقا، للتو، شهادة الباكلوريا،
وطفقت تود لو تخفف من أعبائي، وتغمر أمكَ بالحنان،
وتشيد لنا غداً أرغد.
لقد كنت صبياً تفرد بين أقرانه،
وأوتيَ حكمةً قُدَّت من النقاء،
وكنتَ على خلق، ودوداً جواداً،
يملأ ما بين جناحيكَ الإيمان الصادق بخالقك.
بعنفٍ يُفيض قلبي على مآقي،
ما لاح في خاطري طيف غيابك،
ثم لا يبدد ليلي البهيم القابع خلف دموعي سوى بسماتك..
ولو أني أدركت، يا بُني، أن الإذن الذي منح لك يومها لمرافقة أترابك إلى مدينة طوبي سيكون آخر سفر لك،
لحاولت أن أثنيَ عنان الزمان.
ولكن لا رادَّ لقضاء الله،
يقضي الله أمرا كان مفعولا، ونحن بقضائه راضون.
تعالت حكمة الله عن فهومنا..
أبوك أنا، يا عليُّ، وإن أباك كان فخوراً بك،
وسيظل كذلك حتى آخر نفس له.
لقد كنت نوراً في حياتي،
وستظل نوراً في ذاكرتي.
وإنك حيث أنت، عند ربك، لفي عالم أفضل من هذه الدنيا الزائلة.
سحت على قبرك الرحمات، يا ولدي العزيز.
وسيظل اسمك ومحياك وودك معلقا بنياط قلبي ما بقي الدهر.
أما أنا، والدك، فأتوب لربي..
"أنه هو أضحك وأبكى، وأنه هو أمات وأحيا."
كيسيما اجاكانا
ترجمة بابا ولد حرمة