محللون موريتانيون: حرب الـ 12 يوماً ترمز سقوط رمزية إسرائيل

أربعاء, 25/06/2025 - 15:56

في تحليلات دالة على اهتمام الموريتانيين الكبير بمجريات حرب الصواريخ بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، والعائد لاهتمامهم الكبير بالقضية الفلسطينية، ذهب عدد من كبار الساسة والمفكرين الموريتانيين إلى أن الحرب الأخيرة بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة، ومحور المقاومة بقيادة إيران من جهة أخرى، شكّلت تحولًا عميقًا في قواعد الاشتباك الإقليمي، وكشفت عن تصدعات خطيرة في منظومة الهيمنة الغربية، وبالأخص في صورة إسرائيل كـ «قوة لا تُقهر»، وفي افتراضات التفوق الأمريكي غير المشروط.
وقد اتفقت تحليلات هؤلاء على أن الحرب كانت أكثر من مجرد جولة عسكرية، بل محطة فاصلة تكشّف فيها زيف دعايات عتيقة، وظهرت على السطح تصدعات في العقيدة القتالية، والسياسية، بل حتى الوجودية لدى إسرائيل، وانقسامات استراتيجية في صلب القرار الأمريكي.
وأكد وزير الخارجية الموريتاني الأسبق محمد فال بلال، في تحليل له «أن الهدف الحقيقي من الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران يتمثل في إسقاط النظام وتنصيب حفيد الشاه»، موضحاً «أن هذا المخطط اعتمد على تجنيد آلاف العملاء من الداخل، من مختلف الأعراق كالفُرس والأفغان والكرد والعرب، لتنفيذ هجمات من داخل المدن باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، بما في ذلك المسيّرات المصنّعة محليًا».
وأشار بلال، إلى أن «الهجوم تم بطريقة مباغتة وشاملة، من الداخل والخارج، بهدف تدمير ركائز النظام واغتيال قادته، حيث تم القضاء خلال الدقائق الأولى على أغلب القيادات العسكرية والكوادر العلمية والأكاديمية. وأضاف أن الولايات المتحدة تدخلت بشكل مباشر وغير مباشر، مستخدمة قوتها لتدمير المصالح الحيوية الإيرانية، من البرنامج النووي إلى المؤسسات الاقتصادية والعلمية.
وشدد بلال التأكيد على «أن الحرب التي دامت اثني عشر يومًا لم تحقق أهدافها، إذ بقي النظام الإيراني صامدًا وسط شعبه، وقادراً على محاسبة العملاء وإعادة ترتيب صفوفه واستئناف مشاريعه»، معتبراً أن الثورة «الاثني عشرية» صمدت في وجه عدوان غير مسبوق رغم حصار استمر أكثر من أربعين عامًا». وأكد الإعلامي البارز محمد محمود بكار المدير الناشر لشبكة «العلم» الإخبارية
أن «إسرائيل بضاعة لامعة بالدعاية والحماية الغربية، لكنها بلا قلب وبلا عقيدة وطنية، وبلا قابلية للحياة كدولة».
وجاءت تحليلات المفكر والأستاذ الجامعي أبو العباس أبرهام، على شكل مقاربة فلسفية وتحليلية عميقة للحرب، مشبّهًا إياها بالحروب غير التقليدية التي تكشف فيها الشعوب عن قدرات تفوق الحسابات الكلاسيكية.
وقال «إن ما جرى كان محاولة لتكرار «النكسة» الإيرانية عبر مزيج من التقنية، والخداع، والعمل الاستخباراتي، وتحريك الطابور الخامس، غير أن إيران «فاجأت الغالب ببعض الألاعيب في كمّها»، وأفشلت مشروع التفتيت والاختراق، لتخرج أقوى سياسيًا وعسكريًا».
ويرى أبرهام أن إسرائيل سعت إلى ضرب غزّة، وتحجيم حزب الله، ثم الانتقال إلى «أرضية إيران» باعتبارها الهدف الأكبر، إلا أن فشلها في ذلك كشف حقيقة الهشاشة البنيوية للردع الإسرائيلي، الذي انكسر تحت وطأة الإرادة والصواريخ.
وأشار أبرهام إلى أن فلسطين باتت اليوم «قلب الغرب» من حيث الرمز والتعاطف الشعبي، وأن موجة الغضب العالمية ضد إسرائيل تجاوزت كل التوقعات، لتصيب الصورة الأخلاقية للدولة العبرية في مقتل.
وقد اتفق المحللون الموريتانيون المذكورون على أن «حرب الإثني عشر يومًا» لم تكن سوى بداية لتحوّل طويل الأمد، وأن العالم «أفاق على واقع جديد لم تعد فيه إسرائيل مركز الضوء ولا أمريكا مركز القرار».
وقد أبرزت الحرب كذلك، وفقاً لرؤاهم، تآكل المظلة الغربية، وصعود الإرادة الشعبية، وانهيار الرواية الواحدة. كما فتحت هذه الحرب أمام العرب نافذة تاريخية نادرة: فإما التوجه الصارم لإعادة بناء الذات على أسس السيادة، أو الغرق أكثر في التبعية والضياع.