قالت منظمة الشفافية الشمالة إن المخالفات التي رصدتها في تمويل مشروع الركيز الزراعي وتنفيذه، إلى جانب التأخير والتجاوزات المالية، تكشف عن وجود فساد ممنهج وإهمال جسيم.
وأكدت المنظمة التي يرأسها عضو مجلس الشيوخ السابق محمد ولد غده في تقرير نشرته اليوم أن هذا الفساد الممنهج، والإهمال الجسيم "أثرا سلباً على الجدوى الاقتصادية للمشروع".
وطالبت المنظمة الحكومة بفتح تحقيق عاجل لتتبع مسار الأموال المفقودة، كما طالبتها بنشر نتائج التحقيقات بشكل مفصل لطمأنة الرأي العام وضمان محاسبة المتورطين.
وتوقفت المنظمة مع "التناقض في قيمة الصفقات والتكاليف المعلنة"، لافتة إلى وجود ثلاث صفقات فقط لتنفيذ أشغال المشروع، وذلك وفقا للموقع الرسمي للجنة رقابة الصفقات العمومية.
وأضافت أن إحدى هذه الصفقات كانت بمبلغ 5.8 مليار أوقية، وتم منحها لشركة "استام" لاستصلاح 3500 هكتار، أما الثانية فكانت بمبلغ 3.2 مليار أوقية قديمة، ومنحت لشركتي "SNAT" و"MTC"، وذلك لتجريف مجرى لعويجة، فيما كانت الثالثة بمبلغ 237 مليون أوقية قديمة (+ 667.200 أورو)، قيمة الصفقة، ومنحت لمكتب الدراسات "MCG".
وقالت المنظمة إنه يتضح من خلال الصفقات أن التكلفة هي حوالى: 9.3 مليار أوقية قديمة فقط، أي بفارق كبير (حوالي 4 إلى 5 مليارات أوقية) عن تكلفة المشروع المعلنة رسميا، والتي اختلفت من جهة لأخرى.
وأشارت المنظمة إلى التضارب في الأرقام المعلنة، حيث إن التكلفة المعلنة عبر الموقع الرسمي للصندوق السعودي للتنمية 43 مليون دولار، وهو ما يعادل 13,5 مليار أوقية قديمة، في حين تبلغ التكلفة المنشورة عبر الموقع الرسمي لوزارة الزراعة: 14.4 مليار أوقية قديمة.
ولفتت المنظمة إلى أن الأمر قد يتعلق بتمويل إضافي من الخزينة العامة زيادة على المبلغ الاجمالي للقرض.
وتحدثت المنظمة عن وجود "شبهات الفساد"، مردفة أن الفارق البالغ 4 مليارات أوقية، يشير إلى وجود أموال تم تبديدها أو صرفها في أوجه غير واضحة، وخارج إطار الاتفاقيات المبرمة مع الصندوق السعودي.
وأضافت المنظمة أن هذه الممارسات تثير تساؤلات عديدة حول شفافية التصرف في التمويل، والجهات المستفيدة من هذا الفارق، ومدى التزام الجهات المعنية باحترام اتفاقيات التمويل الدولي.
وقالت المنظمة إنها راسلت وزارة الزراعة والسيادة الغذائية مرتين للحصول على معلومات تتعلق بهذا التباين الواضح بين الجهات المعنية بخصوص الكلفة الاجمالية للمشروع غير أنها لم تحصل على أي رد على تساؤلاتها.
ونبهت المنظمة إلى أن بنود اتفاقية التمويل مع الصندوق السعودي للتنمية، تفيد أن بعض الأموال المفقودة كان مخصصا لعدة فئات أساسية من المشروع، أولهما شراء المعدات الزراعية، وتحديدا ثمانية جرارات مزودة بكامل ملحقاتها، وأربع حاصدات مخصصة للأرز والقمح.
أما الثاني – وفق التقرير – فهو الإرشاد الزراعي عبر تقديم التدريب والدعم الفني للمزارعين المحليين لتعزيز قدراتهم الإنتاجية، وتوفير المتطلبات اللوجستية.
ورأت المنظمة أن أحد أبرز الاختلالات التي أثرت على الاتفاقية هو تأخر تنفيذ المشروع بأربع سنوات عن الآجال المحددة، حيث كان من المفترض أن ينتهي تنفيذ المشروع قبل عام 2020، إلا أنه تأخر أربع سنوات، فنتج عن ذلك نفاد فترة السماح، فبدأ تسديد دفعات القرض واحتساب الفوائد قبل انتهاء المشروع بثلاث سنوات، ودون الاستفادة من فترة السماح.
وأكدت المنظمة أن الآثار الاقتصادية السلبية لهذا المشروع، هي هدر الموارد المخصصة لثلاث فئات منه، كتبديد الأموال التي كان من المفترض استخدامها لشراء المعدات والحاصدات، مما تسبب فعلا خلال السنة الأولى في ضعف الإنتاج وتلف جزء مهم من المحاصيل.
وأضافت المنظمة أن منها تبديد الموارد المخصصة للدعم الفني والمتطلبات اللوجستية، مما أثر بشكل مباشر على كفاءة المشروع ومعاناة المزارعين، وكذا استنزاف الرصيد الاحتياطي، مشيرة إلى أنه تمت برمجة 16 مليون ريال، أي ما يعادل 1.7 مليار أوقية قديمة، كاحتياطي يضمن إجراء التغييرات والإصلاحات الضرورية لجودة المشروع، ولكن على العكس من ذلك، بعد استلام المشروع واكتشاف الاختلالات الكبيرة وتعدد أوجه الفشل، لم تتوفر الموارد المطلوبة لإصلاحه بسبب اختفاء أو تبديد الموارد المبرمجة لذلك في الاتفاقية.
ولفتت المنظمة إلى أن ذلك قد يفسر وجود طلب موجه إلى الصندوق السعودي لتمويل ملحق إضافي (avenant)، وهو الآن في مراحله الأخيرة، ينتظر موافقة الممول، ربما للتغطية على هذه الاختلالات الخطيرة.