مذكرة تنبيهية
نواكشوط بتاريخ 20 دجمبر 2022
في يوم 18 دجمبر 2022، ضِمْن مقطع صوتي تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، رد النائب القطب ولد امات، من حزب تواصل، على رفيقيه محمد جميل منصور ومحمدن ولد محمد غلام، المتبنيين لقراءة تقدمية للشريعة. بدأ القطب بتمجيد واضح للرق منطلقا من القرءان والسنة حسب زعمه، ودفع بجرأته إلى حد رمي المناضلين الانعتاقيين في غياهب الكفر، مهددا إياهم بالحساب الإلهي العسير في اليوم الآخر.
وكان يبرر، بالحجج، عدم المساواة بين البشر بإرادة من الله مقتبسا، في العديد من المرات، من القرءان والحديث وملحمة الخلفاء الراشدين،. إن ما صدر من فم النائب الموقر، كما هو في الصوتية الملحقة بهذا النص، لن يكون إلا مهمازا لاشمئزاز الشعوب المتحضرة. بيد أن القطب ولد امات، بالرغم من حديثه المسموع، انكسر، بعد ذالك، فأذعن في بيان قلل فيه من حجم التسجيل في أكمل معاني الانفصام الشخصي، مدعيا بأنه لم يتفوه بأي شيء شائن أكثر من أنه قدم عرضا وتعليقا حول النقاش بخصوص بنود الشرع خلال القرن المزكى. كانت هذه الخدعة فظة لدرجة أنه لا يمكن الركون إليها إلا باستنفاد كنوز وكنوز من التساهل و المحاباة.
اليوم، ها أننا نتقدم ببرهان ساطع على المساس بكرامة آلاف الموريتانيين وآلاف المنحدرين من العبيد، ضحايا تجارة الرقيق العابرة للصحراء لتصل المحطات التجارية في الزنجبار ومونباسا. وبالتالي فإننا نتوجه، في البدء، إلى وزير العدل وزميله في الداخلية، دون أن ننسى مكتب الجمعية الوطنية. فأية متابعة جنائية وأية عقوبة تأديبية يستحقها هذا التحريض على البغضاء والتنافر؟ وباسم أي شقلبة بهلوانية يمكن أن يستفيد هذا القدر من احتقار الإلتزامات الدولية لموريتانيا من تسامح آخر؟ هل سنواصل الصفح عن التحدي المستفز على أساس أن مرتكب الإهانة يتمتع بحصانة بالمولد؟ هل سنترك العار، المرة تلو المرة، يمر دون حساب عابرا طريق التفوق العرقي؟.. مساءلتنا تتجه أيضا صوب قيادة حزب تواصل الحزب الذي رغم مركزيته و ريادته في معسكر المعارضة و مقارعة الجبروت، يلبسه أحيانًا، بعض منتسبيه و منتخبيه، لبوس جرم التواطؤ الأخرس مع المتحدثين باسم الإسلام-الفاشي المسكونين بالإفراط في معاداة العبيد و النساء... لا أحد ينسى فورة الغضب الجنساني التي أخذت قطب المحافظين ضد الناجية من العبودية و الاغتصاب، مريم بنت الشيباني، التي أخضعت، وورثت الإخضاع، للنزوات الجنسية للأسياد. مع ذلك، ولما تجاوزت عتبة التحمل، أصرت على الإبلاغ عن العقوبات الجسدية والمضاجعات والأشغال الشاقة. وعلى الفور تلقى جلادها، شيخنا ولد الشهلاوي، التشجيع والحماية من حليفه وقريبه نائب حزب تواصل عن مدينة الطينطان، محمد المختار ولد الطالب نافع. ولم يتوان هذا المنتخب عضو الجمعية الوطنية التي ألحقت العبودية بالجرائم ضد الإنسانية، من إبداء مدى نفوره من قوانين تجريم الرق بكل ما تحمل الوقاحة من معنى. وفي النهاية، تمكن من تخليص قريبه من قبضة القانون. ولأسباب مشابهة، أظهر الحكم بالإعدام على المدون محمد الشيخ ولد امخيطر، قبل سنوات، حجم تجذر الغلو والإكراه القاتل ضمن بعض مناصري وشخصيات هذا الحزب الذي يعد أول قوة سياسية في المعارضة حسب عدد المقاعد البرلمانية.
اليوم، ونحن في أشد الامتعاض والدهشة والاستنفار، ننتظر من السياسيين والمجتمع المدني وممثلي السلطة ردة الفعل المناسبة على عنف المخالفة، قبل الدعوة إلى تحريك الملف قضائياً. إننا نريد أن نتحاكم، بعيدا من الشغب، بغية أن نوضح كمْ أننا مللنا تتفيه العنصرية على أرض أسلافنا المباركة. إن الأفارقة من السكان الأصليين بجنوب الصحراء، ذراري الشعوب التي ما تزال مقهورة، ولم تعد نقبل أن يظل الدين وتأويلاته ورمزيته مستخدما لإضفاء القدسية على دونيتها. تذكروا أننا، سنة 2012، أمطنا اللثام عن حزمنا وصرامة أفعالنا عندما حمل بيرام الداه اعبيد على عاتقه مسؤولية الحرق العلني لمؤلفات فقهية مفعمة، عبر العصور، بالتعنت على التقليل من قيمة فئة كبيرة من المسلمين. وبالرغم من الدعوة لإعدامه، نجا ووقف شامخا معطيا بذلك إنذارا لتهور المكابرين.
يا أطفال وأحفاد العبيد الراغبين في العيش بمنأى عن سلاسل عقليات الظلم، يا أبناء الطبقات النبيلة المولودين أحرارا في المهد، أيها العدول، قفوا، بأعداد غفيرة، فساعتكم أزفت!.. برهنوا لمواطنيكم، شاردي الذهن، والعُمْي الصُّم، أن غضبكم المشروع يجب أن يتبنوه لأنه غضبهم، وذلك من أجل إيجاد مستقبل مشترك لسلام دائم، تحت مظلة الإنصاف والتضامن والمساواة سرمدا.
مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (إيرا)
المكتب التنفيذي