قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، خلال زيارة لألمانيا اليوم الأحد، إنه “قلق للغاية” بشأن تصاعد أعمال العنف في سوريا، حيث كثفت القوات الحكومية قصفها لمناطق يسيطر عليها معارضون حول مدينة حلب الاستراتيجية.
وبعد محادثات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في قصر بمدينة هانوفر يعود للقرن السابع عشر، تحدّث الرئيس الأمريكي عن “أزمة إنسانية مأساوية” في سوريا، قائلاً إنه ما زال يؤمن بالحل السياسي للمعارك هناك.
وستكون تلك آخر محطة لأوباما في جولة خارجية مدتها ستة أيام، سعى خلالها إلى تعزيز التحالفات الأمريكية، التي يعتبرها أساساً لنمو التجارة، ودحر تنظيم “الدولة الإسلامية”، وإحداث توازن مع التدخل الروسي في أوكرانيا وسوريا.
وقال أوباما “لا نزال نشعر بقلق بالغ حيال تفاقم القتال في سوريا في الأيام الأخيرة الماضية، ولا نزال متفقين على أن الحل الوحيد القابل للصمود هو حل سياسي، من شأنه نقل سوريا باتجاه حكومة تضم كل الأطراف وتمثل جميع السوريين”.
ودعت ميركل أطراف محادثات السلام في جنيف، المهددة بالانهيار، للاتفاق على تحديد مناطق إنسانية يمكن للنازحين السوريين فيها أن يشعروا أنهم بمنأى عن القصف. وأوضحت أنها وأوباما لا يحبذان إنشاء “مناطق آمنة” بالمعنى التقليدي. وهو ما سيحتاج حماية من جانب قوى أجنبية.
وطوّر الزعيمان علاقة قوية، بعد بداية متعثرة، رفضت ميركل في أولها السماح لأوباما، الذي كان عضواً بمجلس الشيوخ يقوم بدعاية انتخابية، بالتحدث في براندينبيرج جيت عام 2008. وتناول الزعيمان عدداً من القضايا، بينها أوكرانيا وكوريا الشمالية وليبيا، وأجريا محادثات خاصة بالتجارة الحرة.
وامتدح الرئيس الأمريكي باراك أوباما المستشارة الألمانية على “قيادتها المتسقة”، وتناولها لأزمة اللاجئين، قائلاً إن قرارها في العام الماضي بقبول مئات الآلاف من اللاجئين في ألمانيا وضعها “على الجانب الصحيح من التاريخ”.
وقال مازحاً إن ميركل، التي تفتقر إلى البساطة التي يتمتع هو بها، “لديها خفّة ظلّ عالية بحق” لا تشارك الجماهير فيها عادة. وهو ما أثار ضحك المستشارة الألمانية (61 عاماً).
روسيا وكوريا الشمالية
وأبدى الزعيمان قلقهما بشأن انتهاكات وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا، وقالا إن العقوبات التي فرضها الغرب على تدخل روسيا هناك لا يمكن تخفيفها قبل أن يتحسن الوضع على الأرض.
وسئل أوباما أيضاً بشأن استعراض كوريا الشمالية الأخير لعضلاتها العسكرية، حينما أجرت تجربة إطلاق صاروخ باليستي من غواصة. فقال “الواضح أن كوريا الشمالية ما زالت مستمرة في سلوكها الاستفزازي، وتواصل بنشاط برنامجاً نووياً، يتمثل في القدرة على إطلاق أسلحة نووية”.
وقال “رغم أنهم يفشلون إلى حد كبير في الكثير من هذه التجارب، فإنهم يكتسبون (المزيد من) المعرفة في كل مرة يقومون فيها بمثل هذه التجارب”.
وتضرّرت العلاقات بين برلين وواشنطن في عام 2013، بسبب الكشف عن أعمال تنصت واسعة على المواطنين الألمان. وشمل ذلك تنصت وكالة الأمن القومي الأمريكي على جهاز هاتف ميركل المحمول.
لكن في الأعوام الأخيرة أصلح البلدان الحليفان في حربين باردتين ذات البين، ونسّقا مواقفهما عن كثب في الأزمة الأوكرانية، ومارسا ضغطاً من أجل إبرام اتفاق للتجارة الحرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قبل أن يترك أوباما منصبه في 20 يناير كانون الثاني.
وقضى أوباما- الذي تفصله تسعة شهور عن نهاية ولايته- ثلاثة أيام في لندن، حيث حثّ البريطانيين على البقاء في الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء يجري في يونيو حزيران، وهو استفتاء يمكن أن تكون له تداعيات على الاقتصاد العالمي.
والتقى أوباما الأسبوع الماضي مع زعماء دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، في محاولة لتبديد مخاوف، بأن واشنطن أصبحت أقل التزاماً بأمن هذه الدول، خاصة بعد إبرام اتفاق نووي مع إيران المنافس الإقليمي للسعودية.
وقبل أن يغادر أوباما عائداً إلى واشنطن غداً الاثنين، سيجتمع هو وميركل مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرنسوا أولوند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي، لإجراء محادثات بشأن تبادل معلومات المخابرات بعد هجمات متشددين إسلاميين في فرنسا وبلجيكا.