أرسل الله الرسل تترى منذرين ومبشرين ببسط العدالة الاجتماعية بين الناس ,ذلك أن العمران والاجتماع البشري لا يمكن أن يتأسس ويستمر دون تحقق العدالة روحيا وماديا ,قال تعالى :( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بالقسط) الحديد الأية 25.
وقال :( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ)الأعراف الآية 29. فتحقيق العدالة في جميع المجالات من سياسة واقتصاد وتربية وتعليم تصب في النهاية في هدف واحد بعد الخضوع لله وعبوديته وهو حفظ الحقوق الاجتماعية بالعدل والتساوي والإحسان وعليه ترتكز حركة التشريع وحكمة التكوين.
ومنذ تأسيس الدولة الموريتانية وتعاقب مختلف الأنظمة من مدنية وعسكرية على سدة الحكم وإدارة الشأن العام , لم تنتبه لهذا الملمح والمقصد بالغ الخطورة والأهمية بالشكل العميق , ويحسب لنظام رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني ملامسته لهذا المفهوم وقناعته بمحوريته في أية عملية تنموية كفيلة بخلق مجتمع منسجم قادر على التطور والنمو ,وكسب مكانة محترمة في مصاف الدول والمجتمعات المتطورة.وفي خضم التجاذبات السياسية والصراع الدائر لتصفية الفساد ورموزه واستعادة أموال ومقدرات البلد , يحاول البعض في أتون مرجل السياسة طمس هذا الإنجاز الملموس الشاخص للعيان والذي يمكث في الأرض وينفع الناس , ساعده في ذلك ضعف الجانب الإعلامي للنظام الحالي في الاضطلاع بوظيفته في إبراز هذا الملمح وإزالة الرين عنه , والذي لو قدر له أن يعطى حقه من الأضواء والدراسة لكان لوحده كفيلا بإخراس كل دعي وأفاك يحاول الصيد في المياه العكرة , فإنجازات النظام الحالي في هذا المجال كفيلة بمنحه شرعية الإنجاز بجدارة , وحتى لا يكون حديثنا مرسلا سوف نعضده بالأدلة المؤسسة لهذا الوعي بضرورة العدالة الاجتماعية كأولوية إستراتيجية في رؤية رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني .
هذا الوعي ظهر جليا مع الأيام الأولى لتطبيق برنامج رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني من خلال حزمة من برامج الدعم الاجتماعي لا مست احتياجات الطبقات الهشة بإنشاء المندوبية العامة تأزر وبرامجها الشاملة ( الشيله ,البركة ,داري , التكافل , أمل ) فتم توزيع تحويلات نقدية مباشرة شملت لأول مرة في تاريخ البلاد ما يناهز 210 آلاف أسرة فقيرة عن طريق برنامج المعونة كما تم دمج 100 ألف أسرة من الأسر الفقيرة في إطار نظام التأمين الصحي الشامل الذي يشرف عليه الصندوق الوطني للتأمين الصحي والمندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء(تآزر ) وقد مكنت هذه الاتفاقية ما يناهز 620 ألف مواطن من الولوج إلى الخدمات الصحية بطريقة مجانية وبغطاء مالي يصل لحوالي 2,1مليار أوقية قديمة انطلاقا من مقاربة رئيس الجمهورية السيد/ محمد ولد الشيخ الغزواني على أن الصحة لا يمكن أن تكون ذات جودة إلا بوجود تأمين صحي شامل, وفي إطار برنامج الشيله يتم العمل على التزويد بمياه الشرب، لصالح 137 قرية في 8 ولايات هي الحوضين الشرقي والغربي ولعصابة وگورگول ولبراكنه واترارزة وتگانت وگيد ماغا.
وفي إطار المقاربة الاجتماعية والنزول للطبقات الهشة قرر رئيس الجمهورية السيد /محمد ولد الشيخ الغزواني خلال خطابه بمناسبة الذكرى الستين لعيد الاستقلال الوطني أنه تقرر، ابتداء من فاتح يناير زيادة المعاش الأساس بنسبة مائة في المائة لجميع المتقاعدين، ومضاعفة معاش أرامل المتقاعدين واستفادتهن من التأمين الصحي، وصرف معاشات التقاعد شهريا وزيادة التكفل بحصص التصفية لفائدة مرضى الفشل الكلوي المعوزين بنسبة 50 في المائة، واستفادتهم من تحويلات نقدية شهرية بمبلغ 15.000 أوقية قديمة، إضافة لتأمين الضمان الصحي لذوي الاحتياجات الخاصة، وصرف تحويلات نقدية شهرية بمبلغ 20.000 أوقية قديمة للأطفال متعددي الإعاقات.
ثم كان الإنجاز التاريخي الذي انتظره الموريتانيون عشرات السنين رزح خلالها الآلاف من أبناء هذا الوطن تحت الظلم والاستغلال والمهانة والإهانة , وسالت خلالها أنهار من عرق جهدهم سدى واحترقت فيها دمائهم كلا وتعبا وحرموا فيها من أبسط حقوقهم وهم الحاملون قوتنا اليومي تذوق فيه طعم دمهم المضمخ بالكرامة , وتحس فيه وتسمع أنات وصيحات شكواهم وتري فيه صور أجساد مهترئة أكلها الظلم والتعب خالية من كل صور الحياة , تسوقها عزيمة ماضية لا تكل من مجابهة الحيف بكل إباء وصلابة وعزة نفس إنهم الحمالة وقد تعاقبت الأنظمة المتتالية منذ الاستقلال على هضم حقوقهم ,وأمام هذا الظلم المزمن أعطى رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني تعليماته بداية شهر يناير المنصرم من أجل إيجاد حل نهائي وعادل يراعي حق هذه الفئة المغبونة والمهمشة في العيش الكريم، و وقد توج هذا الجهد وهذه الإرادة بجولات من المفاوضات الجادة والعميقة قادتها إدارة ميناء الصداقة بكل حنكة واقتدار توجت باتفاق تاريخي ينص على استفادة جميع الحمالة من التأمين الصحي والمعاش عند التقاعد إضافة إلى امتيازات أخرى .
بالمنجز الاجتماعي وحده تتقدم الأمم , وبدل أن يشاد بهذا العمل الاجتماعي الجبار الذي لامس لأول مرة منذ نشأة الدولة الموريتانية مكامن الوجع والألم والفاقة , يذهب بنا البعض ويقودنا غفلة واستغفالا لمعارك جانبية لا تغني ولا تسمن من جوع ليست هي معركتنا الحقيقية ,هدفه هو طمس المنجز :
ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ يَجدْ مُرّاً بهِ المَاءَ الزُّلالا
يقول المهاتما غاندي :(لن أستطيع أن أطعم ملايين الهنود الخبز ,ولكن أستطيع أن أطعم ملايين الهنود عدالة اجتماعية)
د/عبدالله محمد بمب