يعرف الحزب بأنه : ( تجمع منظم يشارك في الحياة السياسية، يهدف للسيطرة على السلطة جزئيا أو كليا، ويمثل قيم وأفكار ومصالح المنتمين إليه).
ولكي يقوم الحزب بوظائفه هذه , ويحقق أهدافه وقيمه وبكفاءة عالية في مختلف المجالات من خلال أداء سياسي منظم ومتوازن ,الأمر الذي من شأنه أن ينتج مجتمعا سياسيا راقيا له ثقافته السياسة, وهويته الوطنية ,يحترم الدستور ودولة القانون, ومبدأ تداول السلطة ومبدأ تكافؤ الفرص, لابد له من تنشئة سياسية تلعب دورا هاما ومحوريا في تشكيل وتنظيم المدركات السياسية للمجتمع , وتحديد توجهاته وسلوكه السياسي وقبوله أو رفضه لنمط سياسي معين ,حيث تعتبر الأحزاب السياسية حجر الزاوية فيما يتعلق بالتنشئة السياسية داخل مجتمع ما.
ويعرف هربرت هايمان التنشئة السياسية بأنها :(تعلم الفرد لأنماط سلوكية اجتماعية تساعده على أن يتعايش مع الأعضاء الآخرين في المجتمع وذلك عن طريق مختلف مؤسسات المجتمع مما يساعد هذا الفرد على أن يتعايش سلوكيا مع هذا المجتمع)
ويعرفها لانغتون :(تلك الطريقة التي ينقل بها المجتمع ثقافته السياسية من جيل إلى جيل ,أو تلك العملية التي يتعلم الفرد من خلالها المواقف الاتجاهية والأنماط السلوكية الوثيقة الصلة بالحياة السياسية ).
والأحزاب السياسية تتغيى في سبيل ذلك الكثير من الوسائل والأدوات المتعددة( مؤتمرات منشورات . وسائط اجتماعية , صحافة ....)سبيلا لتشكيل وعي سياسي وولاء جماهيري يؤمن بفلسفتها,ويدافع عن توجهاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال محورين أولهما تعزيز وتقوية الثقافة السياسية , وثانيهما خلق ثقافة جديدة وإدخال مفاهيم حديثة في نسق السياسات المسيطرة.
وهي بذلك تساهم في تكوين الرأي العام وتطويره , وتكوين الكادر السياسي ,وتسمح للاختلاف بأن لا يأخذ شكلا عنيفا, كما تساهم في تشكيل منظومة تنمية شاملة ,من خلال عملية تغيير وتوعية جوهرها الإنسان, إن التنشئة السياسية للأحزاب هي الديناميكية الفعالة للتحديث في عالم اليوم .
إن التنشئة السياسية الحزبية عملية متطورة ومستمرة , تهدف لتطوير النظام السياسي الحزبي وتأهيله حتى يكون قادرا على تكوين ولاء ,ومساندة أكبر قدر من أفراد الشعب قادرين على استيعاب الأنماط المتحولة والمتغيرة من الأنساق السياسية ,بحيث يتمكن الحزب من السيطرة والتحكم في عمليات التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ظل النظام والاستقرار .
وما دامت الأحزاب السياسية تساهم في صياغة الثقافة السياسية للمجتمع ورسم معالم توجهاته وبناء مقدراته وترسيخ هويته , كل ذلك من خلال عملية تنشئة سياسية محكمة واستراتيجيات مدروسة بشكل محكم , فأين هي برامج التنشئة لدى أحزابنا الوطنية في موريتانيا ؟
د/عبدا لله محمد بمب