يتفق اغلب الموريتانيين على ان مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية ايرا، هي اقوى فاعل حرك الساحة الموريتانية منذ انشاء هذا الكيان المسمى الآن ب موريتانيا.
وتجسدت قوة الحركة في تيارها الجارف وقدرتها الفائقة على مواجهة السلطة، وسياساتها الظالمة، والمجتمع وعاداته البالية بكل تمفصلاتها، ومؤسساته التي شرعنت شتى انواع الظلم والغبن والتهميش.
كانت من سيمات الحركة البارزة والفريدة، انها انتزعت شرعيتها من الجماهير العريضة التي تبنت خطها النضالي الفريد، الذي عرفته هذه الجماهير التواقة للحرية والانعتاق عن طريق الميادين، والوقوف إلى جانب المظلومين والعاجزين عن طريق الأخذ بحقوقهم، خلافا لأغلبية التيارات واحزاب الكرتون التي لاتسمع بها إلا عند حلول كل موسم انتخابي، او في حالة نزاع على شرعية ملكيتها واحيانا على مرجعيتها!!
لقد شكلت الانعتاقية ايرا وذراعها السياسي الرك بارقة أمل لكل المطحونين والمداس عليهم من طرف أنظمة العسكر وسلطة المجتمع القاهرة الظالمة التي اعتادت ان ينصاع لها كل مولود جديد.. حقوقي أو سياسي إن لم يكن خارج من رحم أحد اذرعها المبسوطة، للتحكم لغرض تحديد البوصلة والانصياع للطريق المرسوم والمحدد سلفا!!
وهو مالم تفلح فيه السلطة، ولا اذرعها هذه المرة مع المولودين الجديدين "ايرا_الرك" الذين يبدوا انهما عاشا التمرد وتمرنا على الرفض و الكفر بكل ما يعتنق مجتمع الفضيلة والطهرانية الزائف من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان والظلم والغبن المتفشي بشكل رهيب، وهما في الرحم حتى قبل الولادة، ولعل ذلك ماجعل ميلادهم خارج النمط المعهود أكبر صدمة للمجتمع، تلتها صفعات من التحدي والخروج البين على كل ماهو مؤلوف عند باقي الأحزاب والحركات التقليدية..
نزالات متعددة..محاكمات..مرافعات..قضايا حقوق الإنسان أمام هيئات الأمم المتحدة...
كانت ايرا دوما تكسبها رغم عدم تكافئ الفرص والوسائل وامتلاك السلطة لكافة الوسائل.. المال،النفوذ،القوة القانونية، وسلاحها المعهود الذي تتخذه و اتخذته طيلة الفترات الماضية إلى يومنا هذا كحصان طروادة تركبه كل ماشعرت بهزيمتها أمام انصار الحقوق ودعاة الدولة المدنية وهو "التشريع القانوني" وهو آخر ورقة بقت الدولة تحتفظ بها كلما دكت حصونها اللاقونية وتمت تعرية زيف شعارات طالما رفعتها علنا، وعملت عكسها تماما في الخفاء!!
لقد كانت محرقة كتب النخاسة التي جيشت لها الدولة كافة الوسائل المتاحة أولى صفعات التحدي والمضي قدما في طريق الحرية والانعتاق، حيث استطاع زعيم الحركة الانعتاقية بيرام الداه اعبيد ان يهندسها بعقلانية فائقة ويجعلها أولى رصاصات خرق عادات المجتمع التقليدي ونمط تفكيره الظلامي الضيق، وهو ماجعله عرضة للسجن والتنكيل رفقة مجموعة من رفاق دربه منهم من ترجل عن السكة ومنهم من مازال محافظا على مكانته رغم المضايقات وقوة الاغراءات المادية والمعنوية، احداث كثيرة مرت ومناسبات قوية كلها اجتازتها الحركة بتحدياتها واصرارها الشديد على مواصلة المشوار وتحقيق الأهداف السامية التي رسمتها الحركة منذ النشأة، فقد حققت انتصارات متعددة على المستويين الوطني والدولي وحصد زعيم الحركة جوائز دولية شبه فريدة في القارة السمراء عموما، أما في موريتانيا فلم يحصدها سواه قط!!
مرت الأحداث وتوالت إلى ان وصلت للمرحلة السياسة التي كان الجناح السياسي المتمثل في "الرك" يمثلها، حيث استطاع المرشح المستقل انذاك برام الداه اعبيد في انتخابات 2014 ان يحصد المرتبة الثانية رغم الحظر وقلة الوسيلة متجاوزا بذلك عدة احزاب تقليدية، ثم بعد ذلك الانتخابات التشريعية في العام 2018 والتي كانت مفاجئتها ان بيرام خرج من السجن نائبا برلمانيا وهي اول مرة تحدث في حيزنا الجغرافي!!.
أما المفاجئة السياسية الأعظم في التاريخ السياسي الموريتاني والتي فاقت توقعات بعض محللي القبائل ومتطفلي الفيس بوك في الانتخابات الرئاسية2019 والتي شاركت فيها شخصيات مستقلة متسلحة بقوة المال والدعم الحزبي والنقابي وبعض الشخصيات المستقلة والنفوذ القبلي، وكذلك احزاب سياسية قديمة في السياسة قدمها في موريتانيا شابت وشاخت في السياسة والتسيس تتمتع بسمعة كبيرة جدا ولها باع كبير ورصيد كثيف في فن السياسة، الا أن كل ذلك لم يشفع لها امام قوة مرشح "الانقاذ بيرام " المدعوم من طرف حزب الصواب و تيار جارف من اهل الهامش وناشدي الانعتاق والتحرر والساعين الى ترسيخ قيم الدولة المدنية من بعض التنويريين واصحاب المظالم وأهل المهجر، حيث استطاع المرشح ان يكسر كل قواعد التوقع ويفوق كل التوقعات متصدرا المرتبة الثانية بعد مرشح السلطة المدعوم من طرف الدولة وكافة وسائلها المتاحة في منافسة لم تخلوا من تدخل الدولة والتزوير البين، وبالفعل لم ينجح مرشح "السلطة" ببساطة وهو ماجعلها تلجأ الى انقلاب اتضحت ملامحه عن طريق اعلان مرشحها فوزه قبل لجنتهم الانتخابية.
فقط بمجرد إلقاء نظرة بسيطة على هذه الأحداث التسلسلية ستلاحظ كيف استطاعت الانعتاقية ايرا وذراعها السياسي "الرك" نزع الترخيص الجماهيري الجارف ووضع بصمات خاصة على الساحة الحقوقية والسياسية وتحريك كل المياه الراكدة وزعزعة بعض التابوهات والعادات الاجتماعية التي ظلت إلى وقت قريب محاطة بقدسية اجتماعية قوية جدا لايجرا اي كان على لمسها ولو خلسة.
في الأخير وفي خضم الحديث الدائر حول الانفتاح الذي يتزعم النظام الحالي وفي ظل الحديث عن رفع الحظر عن بعض الجمعيات ،فإنه لن يكون لذلك الانفتاح معنى مالم يتم احترام رغبات آلاف الجماهير التي تجسدت في خيار حزب الرك كإطار سياسي يقوده النائب البرلماني برام الداه اعبيد ومنحته ثقتها المطلقة وترخيصها الشعبي رغم انف كل الممانعين،يجب ان ينال الحزب والحركة ترخيصهما القانوني في اسرع وقت بعد ان نالوا الترخيص الشعبوي وثقة الجماهير العريضة، كما يجب رفع الحظر عن كافة الاحزاب والحركات التي منعت منه وهو حق طبيعي لها يكفله الدستور والقانون الدولي والوطني.
ختاما اكرر واقول ايرا والرك استحقى الترخيص القانوني بكل قوة بعد نيلهم الترخيص الشعبوي الكاسح.
احمد يعل/ناشط حقوقي وسياسي في ايرا وحزب الرك"