على هامش العرض المسرحي "CASTING" 

خميس, 17/10/2019 - 12:04

في البداية أود ان أقول بشيء من الثقة  بأننا  و مع فرقة شروق للمسرح في جيلها الحالي بتنا أمام طفرة فنية حديثة فيما يخص المسرح كتابة و إخراجا و تمثيلا و هو أمر يبشر بمستقبل جيد للمسرح الموريتاني عموما، و لفرقة شروق على وجه الخصوص...

سعدت ليلة البارحة بحضور عرض مسرحية كاستينغ (تجربة أداء) و قد كان عرض من النوع الذي يأخذك بعيدا نحو أفق الوجود الإنساني الفسيح بكل تناقض شخوصه و تعدد مواضع وجعهم و تساؤلاتهم الوجودية.
لقد سلطت مسرحية كاستينغ الضوء على إشكالات عديدة تخص الواقع اليومي للإنسان المقهور، و النظرة النمطية التقليدية المتوارثة في تمثلاتها المتعددة المتعلقة بالنوع، من قضايا المرأة وذوي الإحتياجات الخاصة، من نظرات الإزدراء إلى الوسم بالضعف و النقص و عدم القدرة على الخلق و الإبداع و الحب، أي  العجز عن المشاركة في صناعة الوجود و الدخول إلى أفق الإنسانية الخلاق.
في البداية سيأسرك الديكور بكل ما يحمله من رسائل ذات أبعاد إنسانية، من الكرسي المتحرك القابع في الركن الأيسر القصي من الخشبه مرورا بالمخرج الوهمي القابع خلف الخشبة كلوحة سريالية متحركة، وليس انتهاء بالممثلين الذين اتقدوا كثيرا و اشتعلوا مرارا لصناعة هذا المشهد السيزيفي المفعم بقلق الإنسان و آهات أوجاعه وقلق أسئلته، برأيي أيضا أنه كان  للغة الجسد حضور رائع يوازي دهشة نص المسرحية و جمالية الصور البلاغية التي حملها في طياته، الموسيقى بدورها كانت منتقاة بعناية و تصدر عن ذائقة فنية غير اعتيادية في فضاء المسرح الموريتاني.
و يمكن أن أقول هنا بنوع من التجاوز أننا كنا أمام ملحمة هوميروسية غير اعتيادية تستحق بنظري ان نضع لها وسام "المسرح المتكامل" رغم أن بعض الظروف اللوجستية لم تكن في صالح العرض و هي بطبيعة الحال خارجة عن ملئ إرادة الفرقة، و أعني هنا ما يتعلق بإضاءة دار الشباب و أجهزة صوتها، و هي أمور لا يمكن أن يكون لها أثر ملحوظ على جوهر العرض...
من هذا المنبر أحيي فرقة شروق كل باسمه و وسمه و جميل فنه، و أخص هنا بالذكر الممثلين/ت الذين أحترقوا لإدهاشنا على خشبة المسرح: 
عالي الديده 
شيخاني محمد 
خديجة تيرن 
خديجة محمد بلال 
كما و أحيي الشاعر و الروائي الشيخ النوح على هذه التجربة الناضجة في مجال كتابة النص المسرحي، متمنيا للجميع وافر النجاح و كل التميز 

محمد محمود محمد البشير