في مثل هذا الأسبوع من عام 1976 توفي سلطان مغربي يدعى، محمد بن عرفة، جلس على عرش العلويين بين عامي 1953 و1955 ثم نُفي إلى فرنسا، ولم يُنقل جثمانه إلا في ثمانينات القرن الماضي.
بدأت الحكاية في عام 1912 عندما تقاسمت فرنسا وإسبانيا مناطق مغربية بينهما، فخضعت منطقة الريف في الشمال وكذلك منطقة الصحراء الغربية للحماية الإسبانية في حين خضع الجزء الأوسط من المغرب لحماية فرنسية.
حكاية بن عرفة
ولد محمد بن عرفة، الذي كان ينتمي إلى الأسرة العلوية الحاكمة، عام 1886 في فاس بالمغرب، وهو نجل مولاي عرفة ابن السلطان محمد بن عبد الرحمن بن هشام، كما أنه ابن عم للسلاطين عبد العزيز وعبد الحفيظ ويوسف حسبما تفيد مراجع تاريخية باللغة الفرنسية.
وبعد مرحلة التهدئة التي نهجتها فرنسا لوأد الحركات المسلحة التي قاومت الجيش الفرنسي بالمغرب صعد نجم الحركة الوطنية التي كانت تطالب بالاصلاح ثم الاستقلال، وفوجئ الجميع بدعم السلطان محمد بن يوسف، ثم تطور الصدام بين بن يوسف والإقامة العامة الفرنسية لتقرر الأخيرة نفيه وأسرته إلى جزيرة كوريسكا في 20 أغسطس/آب 1953وبعد ذلك نُقل إلى مدغشقر.
ونصبت الإقامة العامة بتوجيه من باشا مراكش التهامي الكلاوي أحد أفراد الأسرة العلوية وهو محمد بن عرفة الذي كان يبلغ من العمر حينئذ 67 عاما.
لكن كثيرين أطلقوا على بن عرفة لقب سلطان الفرنسيين، كما شهدت فترة حكمه محاولات اغتيال كانت أبرزها محاولة اغتيال فاشلة في 11 سبتمبر/أيلول عام 1953، أي بعد أقل من شهر على توليه الحكم، على يد علال بن عبد الله الذي لقي مصرعه في الحادث ذاته على أيدي حرس السلطان، ولم تكن هذه هي المحاولة الأخيرة لاغتيال بن عرفة ولكنه نجا من جميع محاولات الاغتيال.
عرش مهتز
وكانت فترة حكم بن عرفة القصيرة، التي امتدت عامين، مضطربة للغاية ففي 24 ديسمبر/كانون الأول عام 1953 انفجرت سيارة في السوق الرئيسية في الدار البيضاء ولقي 18 شخصا حتفهم بينما جُرح 40 آخرون من بينهم أوروبيون.
وبداية من عام 1954 تصاعدت وتيرة الأعمال المسلحة لدرجة استهداف باشا مراكش بأحد مساجد المدينة في 20 فبراير/شباط من ذلك العام، كما تعرض المقيم العام الفرنسي أوغسطين غيوم هو الآخر لمحاولة اغتيال في 24 مايو/أيار.
وفي يونيو/حزيران عام 1954 عينت فرنسا مقيما عاما جديدا هو فرانسيس لاكوست، الذي لم يمر عام حتى حل محله غيربرت غرادفال الذي تعرض لهجوم لدى وصوله المغرب أسفر عن مقتل 6 أشخاص في يوليو/تموز عام 1955.
نهاية بن عرفة
ومع تصاعد الأعمال المسلحة فتحت فرنسا باب الحوار مع محمد بن يوسف وأقطاب الحركة الوطنية لاحتواء الوضع وانتهت المفاوضات بتنازل بن عرفة عن العرش وذهابه إلى طنجة التي كانت تحت إدارة دولية.
وأما السلطان محمد بن يوسف فقد عاد إلى المغرب في 16 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1955، وفي العام التالي أعلن نفسه ملكا بعد إعلان فرنسا وإسبانيا إنهاء حمايتهما على المغرب، وباتت منطقة الريف أيضا تحت سيادة محمد الخامس.
كما استرجع المغرب مدينة طنجة ليغادرها محمد بن عرفة إلى نيس في فرنسا، حيث توفي في 17 يوليو/تموز عام 1976 عن عمر ناهز تسعين عاما، ودُفن هناك ولم تُنقل رفاته للمغرب إلا في ثمانينيات القرن الماضي حيث دفن في فاس.
وأما عرش المغرب فقد توارثه بعد وفاة محمد الخامس كل من ابنه الحسن الثاني الذي حكم البلاد مدة 38 عاما، ثم محمد السادس في عام 1999، وتشهد البلاد حاليا احتفالات بمناسبة ذكرى مرور عشرين سنة على حكم محمد السادس.